• الموقع : سماحة السيد جعفر مرتضى العاملي .
        • القسم الرئيسي : المؤلفات .
              • القسم الفرعي : المقالات والأبحاث .
                    • الموضوع : المرأة والرجل .

المرأة والرجل

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطيبين الطاهرين 

لم يعد خافياً على أحد: أن المرأة قبل الإسلام كانت مسلوبة الاختيار في شتى مجالات الحياة، وكانت قيمتها في تلك المجتمعات هي اللاشئ، يساوم عليها، وتباع وتشرى سلعة رخيصة، كسائر ما يمتلكه الإنسان ويقع تحت سيطرته.. بل كانت ـ حسب اعتقادهم ـ مجلبة للعار، ومظنة للخيانة.

تلك هي الكتب التاريخية تحدثنا أحاديث مؤلمة، ـ يندي لها جبين الإنسان الحر خجلاً ـ عن الجرائم التي كانت ترتكبها تلك المجتمعات بحق المرأة.. حتى إنه كان يهون على الرجل وأد فلذة كبده إذا بشر بأنها أنثى. ﴿وإذا الموؤددة سئلت بأي ذنب قتلت﴾.

لذا.. لم يكن ليدور بخلد أحد آنذاك أنه سيكون للمرأة ـ يوماً ما ـ شأن يذكر، وكيان مستقل، وأنها ستصبح عضواً فعالاً في المجتمع، لها شخصيتها وكيانها ولها حريتها الفكرية والعملية أو أنه سوف يكون لها الحق ولو بما هو أقل من عيش كريم.

ولكن سرعان ما فوجئوا بنبي الإسلام محمد(ص) ينادي بحرية المرأة من القيود الظالمة التي كانت تفرضها عليها الجاهلية الاولى، ويمنحها في الشريعة المقدسة قسطاً لا يستهان به من الحقوق، ويخصها بقسم وافر من الأحكام.

وكانت نظرة الإسلام هذه إلى المرأة نافذة إلى محلها في الصميم، مبنية على تفهم الحقيقة، وإدراك الواقع، ذلك لأن المرأة قوة إيجابية هامة بالنسبة لبناء المجتمع البشري وعمران الكون، فلابد وأن يكون لها ما لسائر أفراد الإنسان من منح الله ونعمه سبحانه حيث إنها ليست مخلوقاً من نوع آخر لا يصح النظر إليه على قدم المساواة مع الرجل الذي تتحمل معه مسؤولية عمران الكون، وتواجه معه مشاق الحياة.. وما دامت كذلك فلا جرم أن يكون لها قسم من حقوقه، كما تحملت قسطاً من الواجبات، ولم يحرمها الإسلام ذلك، فإن التشريع الإسلامي قد نظر إلى المرأة بنفس العين التي نظر بها إلى الرجل، وأنصفها وأعطاها حقوقها كاملة كما أنصفه وأعطاه، وكل ما يقال عن التفاوت غير العادل بينهما فهو دعاوى لا تعتمد على دليل ولا تستند إلى برهان، فبعد أن لم يكن للمرأة حقوقاً أصلاً، وإنما فقط عليها واجبات..

جاء الإسلام ليقول: إن لها كما للرجل.. حرية العلم والعمل، وقد منحت كل الحقوق التي تناسب واقعها ولم تظلم منها شيئاً، مع ان هذه الحقوق كانت في حساب الفكر الجاهلي حقاً للرجل وحده، لا يستطيع أن ينازعه فيها احد.

ثم إن حقوق المرأة التي قررها الإسلام ليس لاحد ـ أياً كان ـ الحق في إنكارها ومنع المرأة من الوصول إليها لأنها حقوق منحها إياها الإسلام.. الإسلام الحق.. وإذا كان كل من الرجل والمرأة يحمل صفات الإنسان ويتمتع كل منها ـ بنظر الإسلام ـ بحقوق ومزايا تعدل حقوق الآخر ومزاياه مع أخذ الفوارق الطبيعية والوظيفية ينظر الاعتبار فإن من الطبيعي أن يفسح المجال أمام المرأة لكي تغرس في حقل هذه الحياة الخصب ـ إلى جانب الرجل، وفي مجالها الخاص ضمن إطارها الخاص ـ أن تغرس ما شاءت مما يعود بالخير والبركة على بني الإنسان..

وقلت: " ضمن إطارها الخاص وفي مجالها الخاص ".. باعتبار أن المرأة ليس لها حق ـ بل هي لا تستطيع ـ أن تعمل في الحقل وفي المجال الذي يعمل أو يستطيع أن يعمل فيه الرجل دائماً وذلك لوجود ميزات وخصائص في كل منهما تؤهله لأن يعيش ويعمل ضمن إطار، وفي جو يختص به يختلف ـ قليلاً أو كثيراً ـ عن الجو والإطار الذي يستطيع الآخر أن يعمل وأن يعيش فيه.

ومن هنا جاز لنا أن نقول: إنه وإن كان قد يلاحظ اختلاف في موارد معينة في الشريعة الإسلامية بين التشريعات المتعلقة بالرجل والتشريعات المتعلقة بالمرأة.. فلا يعني ذلك أن هناك تمييزاً لأحد الفريقين على حساب الآخر، كيف وقد قال الله تعالى: ﴿ولا يظلم ربك أحداً﴾.. وإنما ـ وكما قلنا آنفاً ـ هناك عدالة في الحقوق والمجالات، والاختلاف إنما جاء نتيجة طبيعية للاختلاف في المجال الذي أهل كل منهما لأن يعيش ويعمل فيه فـ " كل مهيأ لما خلق له".

وعليه فما يشاع عن الإسلام من قبل أولئك الموتورين الحاقدين عليه، والذين يبغون له الغوائل، ما هو إلا تمويه وتضليل وصد عن سبيل الله "أما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض".

وطبيعي أنه لا يمكن الإحاطة بكل جوانب هذا الموضوع الشائك في المقال واحد.. فليكن ما قلته هنا مقدمة متواضعة، وآمل أن أوفق مستقبلاً لتناول جميع قضايا المرأة بالتحليل والتفصيل إن شاء الله تعالى.

 جعفر مرتضى العاملي


  • المصدر : http://www.al-ameli.com/subject.php?id=123
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 02 / 06
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20