• الموقع : سماحة السيد جعفر مرتضى العاملي .
        • القسم الرئيسي : الأسئلة والأجوبة .
              • القسم الفرعي : الأسئلة العقائدية .
                    • الموضوع : حول تسمية أولاد الأئمة (ع) .

حول تسمية أولاد الأئمة (ع)

 السؤال:

بسمه تعالى

سماحة  العلامة السيد جعفر مرتضى العاملي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وبعد..

أسماء بعض أولاد الأئمة مثل عمر وأبي بكر وعثمان. الإشكالية هي: لماذا لم في المقابل لم يسموا أبناءهم بأسماء عمار ومقداد، وأبي‌ذر، وسلمان وغيرهم.. من الموالين؟!


الجواب:

بسمه تعالى

وله الحمد والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وبعد..

فإن السياسة التي اعتمدها النبي والأئمة صلوات الله عليهم فيما يرتبط بالأسماء، هي أن يكون الإسم بذاته  يحمل معنىً جميلاً ومطلوباً، وأن يكون له إيحاء رضي وحسن، وأن لا يكون مغرقاً في الوحشة والغرابة، بل يكون سلساً وعذباً وقد يرغب الناس بالتسمية ببعض الأسماء طلباً للثواب، أو لأجل خصوصية يرجون الحصول عليها.

وقد روي عن أبي جعفر عليه السلام انه قال: «أصدق الأسماء ما سمي بالعبودية وأفضلها أسماء الأنبياء، إن النبي «صلى الله عليه وآله» قال : من ولد له أربعة أولاد ولم يسم أحدهم باسمي فقد جفاني»(1).

و عن سليمان الجعفري أنه قال : سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول : لا يدخل الفقر بيتا فيه اسم محمد أو أحمد أو علي أو الحسن أو الحسين أو جعفر أو طالب أو عبد الله أو فاطمة من النساء(2).

ومن الناحية العملية نلاحظ:

أن الأئمة عليهم السلام لا يختارون أسماء فيها غرابه ووحشية، وإنما يختارون منها ما فيه سهولة وعذوبة، وما فيه ما فيه دلالة وإيحاء بالخير والفضل، كأسماء الأنبياء والأوصياء، وما فيه إشارة إلى اليسر أو إلى الصلاح، ولو بملاحظة صلاح من كان يسمى بها مثل كلمة ياسر وحمزة، وجعفر، وعقيل، وما إلى ذالك..

ولا يسمون بأبي ذر أو جندب، وغير ذلك، مما قد يحمل إيحاءاً سلبياً، فإن الجندب هو: الذكر من الجراد ، ويقال : يشبه الجراد(3).  أو ضَرْبٌ مِن الجَراد،  وقيل : هو الذي يَصِرُّ في الحَرِّ .(4).

وكلمة أبي ذر أيضاً ليس فيها أي مضمون يوحي بالفضل أو الصلاح أو الخير، وما إلى ذلك.. لأن الذر هو صغار النمل، وقيل: الذرة ما يرى في شعاع الشمس الداخل من النافذة.

وهكذا يقال  بالنسبة إلى المقداد، فإنه مأخوذ من القد وهو الشق، وليس في هذا المعنى ما يشير إلى شيء من الخير والصلاح والفضل، كما قلنا.

فلا معنى لمطالبة الأئمة بالتسمية بهذه الأسماء.

وتتبع أسماء أبناء الأئمة لا يبقي مجالاً للشك فيما قلناه حول هذه السياسة التي اعتمدوها في تسمياتهم لأبنائهم.

والأساس في هذه السياسة هو رسول الله نفسه فقد كثر تغييره لأسماء أصحابه والقادمين عليه للدخول في الإسلام، بل كان يغير أسماء حتى الأماكن والبقاع إذا كانت لها أسماء ذات إيحاء سلبي إلى أسماء هيّنة وسلسة، وذات مضمون رضي، مثل يثرب، فإنه سماها المدينة.

وقد ور د النهي عن التسمية بمثل خالد و الحكم وحكيم ومالك(5)....

ونضيف إلى ما تقدم ما يلي:

1 ـ إن الأسماء ليست حكراً على أشخاص بأعيانهم، بل هي ألفاظ عربية، يختار كل إنسان ما يشاء منها ليطلقه على ولده، أو على أي شيء آخر يعود إليه، أو يرى أن له الحق في تسميته، أو في توصيفه.

2 ـ إن تسمية إنسان ولده باسم شخص لا تكشف حتى عن محبته لذلك الشخص، إلا إذا ثبت ذلك بالتصريح منه، أو بأن يطلع الله تعالى نبياً أو وصياً على أن سبب تسميته باسم ذلك الشخص هو حبه له، إذ قد يكون الهدف من التسمية هو تحاشي التعرض لبعض المشكلات، أو الطمع في الحصول على بعض الامتيازات.. أو نحو ذلك.

3 ـ إن المشكلة والعقدة من الاسم والتسمية به لم تكن عند أهل البيت «عليهم السلام»، بل كانت عند أعدائهم، حيث كانوا يقتلون أو يحرمون من العطاء، أو.. أو.. كل من تسمى باسم علي «عليه السلام»، فضلاً عمن يتهم بحب علي «عليه السلام»، أو يذكر فضيلة له.

4 ـ قد يكون السبب في التسمية باسم بعينه هو استلطاف ذلك الاسم، وإن كان لا يُستَلْطَفُ بعض من سمي به، فنحن مثلاً لا نحب الظالمين والمنحرفين، حتى لو كان اسمهم محمداً، وعلياً، وياسراً.. ولكننا نسمي أولادنا بهذه الأسماء، لأنها تدغدغ مشاعرنا، من جهات أخرى.. أو لأنها أسماء للأنبياء، والأوصياء، أو لغير ذلك من الأسباب.

5 ـ من الذي قال: إن علياً «عليه السلام» قد سمى ولده بعمر، حباً بالخليفة عمر بن الخطاب؟!

فلعله سماه بهذا الاسم حباً بعمر بن أبي سلمة، ربيب الرسول «صلى الله عليه وآله»، الذي شهد معه حرب الجمل، وكان عامله على البحرين، وعلى فارس. وكان من ثقاته وكان يحبه(6)..

بل ما أكثر اسم عمر بين الصحابة، وكذلك الحال في سائر الأسماء(7).

كما أن في أصحاب الأئمة «عليهم السلام» من اسمه معاوية، ويزيد، واسم أحد سفراء الإمام المهدي «عجل الله تعالى فرجه» عثمان، فدل ذلك على أن هذه الأسماء لم تكن وقفاً أو حكراً على أحد من الناس.

5 ـ قال ابن شبة النميري: حدثنا عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب «عليه السلام» قال:

ولد لي غلام يوم قام عمر، فغدوت عليه، فقلت له: ولد لي غلام هذه الليلة.

قال: ممن؟!

قلت: من التغلبية.

قال: فهب لي اسمه.

قلت: نعم.

قال: فقد سميته باسمي، ونحلته غلامي موركاً.

قال: وكان نوبياً.

قال: فأعتقه عمر بن علي بعد ذلك. فولده اليوم مواليه(8).

6 ـ ورد: أن علياً «عليه السلام» قال عن سبب تسميته لولده بعثمان: إنما سميته باسم أخي عثمان بن مظعون(9).

7 ـ بالنسبة لأبي بكر بن أمير المؤمنين نقول:

قيل: هذه كنية لمحمد الأصغر(10)، ابن أمير المؤمنين «عليه السلام».

وقيل: هو كنية لعبد الله [أو عبيد الله] إبن أمير المؤمنين(11).

وقال أبو الفرج: أبو بكر بن علي بن أبي طالب، لم يعرف اسمه(12).

وليس ثمة ما يدل على: أن علياً «عليه السلام» هو الذي كنى ولده بها.. فلعل ذلك الولد هو الذي تكنَّى بهذه الكنية، ولعل غيره كناه بها لسبب، أو لآخر..

كما أن هناك نصوصاً تؤكد على: أن الأمهات كنَّ يسمين أولادهن، ويخترن الأسماء التي تروق لهن، كأسماء الآباء أو الإخوة، أو غير ذلك، وقد أوردنا طائفة من شواهد ذلك في كتاب الصحيح من سيرة الإمام علي «عليه السلام» في فقرة: تسمية علي «عليه السلام»، فراجع(13).

والحمد لله والصلاة والسلام على محمد وآله..

جعفر مرتضى العاملي

قم المشرفة


(1) تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي  ج 7 ص 438.

(2) تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي  ج 7 ص 438 والكافي للشيخ الكليني ج 6 ص 19 ووسائل الشيعة (ط آل البيت) ج 21 ص 396.

(3) العين للخليل الفراهيدي ج 6 ص 206.

(4) لسان العرب لابن منظور ج 1 ص 257.

(5) الكافي للشيخ الكليني ج 6 ص 21وتهذيب الأحكام للشيخ الطوسي  ج 7 ص 438.

(6) راجع ترجمته في: الإستيعاب ج3 ص1159 وأسد الغابة ج4 ص79 وتهذيب الكمال ج21 ص374 والإصابة ج4 ص487 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج16 ص173 والإكمال في أسماء الرجال ص126 وراجع: جامع الرواة للأردبيلي ج1 ص630 والدرجات الرفيعة ص197 ومستدركات علم رجال الحديث ج6 ص73 ومعجم رجال الحديث ج14 ص17 وتاريخ بغداد ج1 ص207.

(7) راجع: الإصابة، وأسد الغابة، والإستيعاب.. وغير ذلك.

(8) تاريخ المدينة لابن شبة ج2 ص755. وراجع: تاريخ مدينة دمشق ج45 ص304 وتاريخ الإسلام للذهبي ج6 ص164 وكتاب الأغاني.

(9) مقاتل الطالبيين ص84 و(ط المكتبة الحيدرية سنة 1385 هـ) ص55 وقاموس الرجال ج6 ص287 عنه، وبحار الأنوار ج31 ص307 وج45 ص38 وتقريب المعارف لأبي الصلاح الحلبي ص294 وإبصار العين في أنصار الحسين «عليه السلام» ص68.

(10) الإرشاد ج1 ص354 والعمدة لابن البطريق ص30 وتاج المواليد (المجموعة) ج1 ص95 والمستجاد من الإرشاد (المجموعة) ص139 وبحار الأنوار ج42 ص89 والتنبيه والإشراف ص258 وإعلام الورى ج1 ص396 وكشف الغمة للإربلي ج2 ص67 والفصول المهمة ج1 ص643 والأنوار العلوية ص447.

(11) راجع: مقتل الحسين للخوارزمي ج2 ص28 وإبصار العين في أنصار الحسين «عليه السلام» ص70.

(12) مقاتل الطالبيين ص86 و(ط المكتبة الحيدرية سنة 1385 هـ) ص56 وقاموس الرجال للتستري ج11 ص236 وأعيان الشيعة ج2 ص302 و 303.

(13) الصحيح من سيرة الإمام علي (ع) ج 1 ص 143ـ  170.

 

 

  • المصدر : http://www.al-ameli.com/subject.php?id=343
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 08 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16