• الموقع : سماحة السيد جعفر مرتضى العاملي .
        • القسم الرئيسي : الأسئلة والأجوبة .
              • القسم الفرعي : الأسئلة العقائدية .
                    • الموضوع : هل يتعلم علي (ع) من النبي (ص)؟ .

هل يتعلم علي (ع) من النبي (ص)؟



بسم الله الرحمن الرحيم


هل يتعلم علي (ع) من النبي (ص)؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله الطاهرين.
سماحة العلامة السيد جعفر مرتضى دامت بركاته..
يقول الإمام أمير المؤمنين (ع):
"علمني رسول الله ألف باب يفتح لي من كل باب ألف باب".
هل يقدح بكمال المعصوم كونه تعلم العلم وإن كان من معصوم آخر؟
وهل يعني تعلمه لهذه الأبواب صلوات الله وسلامه عليه خلوه من هذه المعرفة قبل ذلك.
إن لم يكن كذلك فما هي طبيعة هذا التعليم والتعلم؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.



الجواب:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطاهرين..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
وبعد..
فإن الإجابة على سؤالك أيها الأخ الكريم تكون في ضمن النقاط التالية:
1ـ إنه لا شك في أن علياً (ع)، هو نفس رسول الله (ص)، بنص القرآن الكريم في آية المباهلة: {وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ}.
2ـ إن درجة النبوة الخاتمة قد كانت للنبي الأكرم (ص).. وهو أعظم مقام يمكن أن يناله بشر.. كما أن درجة الإمامة والمقام الأعظم فيها هي تلك الإمامة التي ترتبط بالنبوة الخاتمة بلا فصل أيضاً.. وقد اختص الله بهذا المقام الإمام علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام.
بل إن نبي الله إبراهيم (ع)، حين نال مقام الإمامة، فإن درجتها لم تكن في حد درجة الإمامة المرتبطة بالنبوة الخاتمة..
وقد حكى الله سبحانه عن إبراهيم، فقال: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}.
وقد زاد الله تعالى في إكرام علي (ع)، بأن جعل من ذريته، أحد عشر إماماً.. قد نالوا شرف الارتباط بإمامته العظمى، ومن النبي(ص)ـ من خلال الزهراء (ع) ـ شرف الارتباط بالنبوة الخاتمة..
3ـ إن للإمامة العظمى المرتبطة بالنبوة الخاتمة مقاماتها وعلومها المناسبة لها.. فلا بد من نيل تلك العلوم، والوصول إلى تلك المقامات..
ونحن نعلم أن علوم الشريعة والأحكام لا تختلف درجات علم الأئمة بها.. كما دلت عليه الروايات.. فلا بد أن يكون التمييز والتفاضل بين الأئمة هو في علوم أرقى منها.. وهذه هي التي ورد عن الأئمة (ع): أن بعضهم أعلم من بعض فيها..
وهذا السنخ من العلوم هو المقصود بكلام أمير المؤمنين (ع): علمني رسول الله (ص)، ألف باب يفتح لي من كل باب ألف باب..
فالرسول (ص)، قد علم علياً (ع)، مفاتيح علوم عظيمة هي الأرقى في سلسلة أسرار الغيوب التي يختص الله تعالى بها بعض عباده كنبي الله محمد (صلى الله عليه وآله)، ووصيه علي أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه..
4ـ قال تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلاَ مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} ولا شك في أن مقام الرضى الأعظم قد كان لرسول الله (ص)، من بين جميع الأنبياء والمرسلين، لأنه أفضلهم وأكرمهم على الله سبحانه، وأشرفهم منزلة، وأقربهم من الله زلفى.
وعلي (ع) هو المرتضى من رسول الله (ص)، كما روي عنه (ع) في بيان هذه الآية المباركة.
5ـ وقد حدد الله سبحانه وسائل معينة يتم من خلالها إيصال المرادات الإلهية إلى الرسل فقال:
{ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلاَ وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ}، فالرسول الذي يلقي بالإذن، هو الوحي بواسطة الملك، وهو جبرائيل بالنسبة لنبينا الأعظم (ص) .
وجبرائيل كان يتعلم من رسول الله (ص)، وكان الرسول(ص)، أفضل منه.. فوساطته كانت شرفاً له..
وتكليم الله سبحانه لموسى (ع)، بواسطة الشجرة تكليم له من وراء حجاب.
والوحي بواسطة كالرؤيا والإلهام يدخل في قوله تعالى: {إِلاَ وَحْياً}، لأنه إلقاء للمعاني في قلب رسول الله (ص).
ومن وسائل الإطلاع على الغيب أيضاً كشف الحجاب عن اللوح المحفوظ وعن أم الكتاب لرسول الله (ص)، ليطلعه سبحانه على غيوبه..
6ـ وأما فيما يرتبط بانتقال علوم المعصومين (ع)، إلى بعضهم البعض، فلا ريب أيضاً، في أن لوراثتهم علوم بعضهم البعض طرائق وحالات، تناسبهم وتنسجم مع واقع وجودهم، ومع طبيعة تعاطيهم مع هذا الخلق والوجود بصورة عامة، ومع بعضهم البعض بصورة خاصة.
7ـ والله سبحانه يطلع رسوله على غيبه، ويكشف له المكنون المخزون، أو فقل: المكفوف في أم الكتاب، كما في بعض الروايات، وفي اللوح المحفوظ. حيث يمكِّن الله تعالى نبيه ’، من الإشراف عليه، دون سواه من خلقه، فيكون ذلك اللوح أو الكتاب هو المرآة التي تعكس غيبه تعالى على القلب الأطهر، والروح والنفس الأصفى للرسول الأعظم(ص).
8ـ فلا غرو بعد هذا أن ينال علي (ع)، ذلك الغيب بالذات، وتكون واسطة الفيض له هي قلب الرسول، المشرف على اللوح بصورة مباشرة.. وتكون نفسه الشريفة (ص) ، هي المرآة الصافية التي تعكس لعلي (ع) ما في ذلك اللوح أو أم الكتاب تماماً كما كان الإشراف المباشر وكشف اللوح أو أم الكتاب له، الواسطة في إطلاع الرسول (ص)، على غيب الله سبحانه وتعالى..
فليست القضية إذن قضية علم وجهل.. وليس في تعليم الرسول (ص). أي انتقاص من مقام علي (ع).. بل هو تشريف له وتكريم لم يبلغه بشر، أن تكون وسيلته لنيل تلك الغيوب هي الإشراف على قلب ونفس الرسول الأكرم والأفخم والأعظم، عند الله تعالى، من بين كل ما خلق.. علماً بأن هذه التراتبية في الإشراف والإفاضة إنما هي في هذه النشأة الخاضعة لأحكام ونواميس خاصة بها، وإن كانا في النشأة الأخرى والأرقى يكونان متقاربين حيث خلقهم الله سبحانه من قبل خلق الخلق بألف دهر، ثم اشهدهم خلق كل شيء، كما ورد في الحديث الشريف، ويكون التأخر رتبياً كما هو ظاهر.
والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى وصيه أمير المؤمنين، وعلى الأئمة الأطيبين الأطهرين.. وعلى الزهراء البتول سيدة نساء العالمين..

جعفر مرتضى الحسيني العاملي


  • المصدر : http://www.al-ameli.com/subject.php?id=411
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 01 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20