• الموقع : سماحة السيد جعفر مرتضى العاملي .
        • القسم الرئيسي : الأسئلة والأجوبة .
              • القسم الفرعي : الأسئلة العقائدية .
                    • الموضوع : ظهور الكرامات عند الكفار و أجساد لا تفنى في القبر . .

ظهور الكرامات عند الكفار و أجساد لا تفنى في القبر .


بسم الله الرحمن الرحيم

 

سماحة آية الله العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي دام ظله.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

السؤال الأول (153):

1ـ تطالعنا بعض شاشات التلفزيون من وقت لآخر بصورة ملفتة ومدروسة، وبهدف التبشير بالديانة المسيحية، بعرض ودراسة بعض حالات الشفاء غير العادية التي يسمونها بالعجيبة والحاصلة عن طريق التوسل والتضرع ببعض الشخصيات المقدسة عندهم كالقديسين وغيرهم. وذلك بهدف الاستدلال بها على صدق وصحة دينهم ومعتقداتهم ويحشدون لذلك التقارير الطبية العلمية المحايدة التي تثبت كون حالات الشفاء هذه إعجازيةً وخارقة للطبيعة يعجز العلم والطب عن تفسيرها.

أ ـ كيف يمكن تفسير حصول مثل هذه الأمور؟ أليس في ذلك تضليلاً لهم؟

ب ـ وهل تصلح مثل هذه الخوارق دليلاً على صحة معتقداتهم؟ خصوصاً إن من تصدر عنهم مثل هذه ألأمور يعتبرون ضلالاً عندنا؟.

السؤال الثاني (154):

2 ـ تعارفَ بين الناس أنهم إذا وجدوا جسد ميت من العلماء و غيرهم بعد سنوات من دفنه طرياً لم يتغير فإنهم يعدون ذلك من الكرامات له  ويحسبونه من أهل السعادة. هل لهذا الاعتقاد مستند شرعي؟

مع أننا نجد بالوجدان والعيان ظهور جسد بعض الفساق بل ومن هو أسوأ حالاً منهم أيضاً بعد أعوام كثيرة من موته طرياً لم يتغيّر. ما هو الحلّ لهذه المعضلة؟

والله يحفظ وجودكم المبارك.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

وبعد..

بالنسبة للسؤال الأول:

حول ما يذكرونه من تأثيرات للتوسلات ببعض الشخصيات المقدسة عندهم ممن يطلقون عليهم اسم >القديسين< في شفاء بعض المرضى بصورة إعجازية وغير عادية، واستنادهم في ذلك إلى تقارير طبية، نقول:

أولاً: إن إثبات ذلك بصورة قاطعة لم يحصل حتى الآن.. بل الشبهة قائمة بقوة حول طبيعة هذه الأجواء التي تثار..

ثانياً: لو سلمنا صحة ذلك لدى المسيحيين، وحصول ذلك فيهم، فإن ذلك حاصل في غيرهم أيضاً.. بل إن بعض المسيحيين قد شافاهم الله بطريقة إعجازية بواسطة التوسل بالأئمة الأطهار من عترة الرسول ’، ويمكن تلمّس صحة هذا في بعض العينات المسيحية بالذات في المجتمع اللبناني أيضاً..

فإن كانت باؤهم تجر، فلماذا لا تجر باء غيرهم أيضاً؟‍

ثالثاً: إن الدعاء النابع من القلب من إنسان مضطر مؤمن بالله، ولكنه مستضعف فيما سوى ذلك من المعارف الإيمانية ـ إن هذا الدعاء ـ يستجاب إذ أن الله لا يخيب دعوة محتاج أو مظلوم يحبه هو، ويسعى إليه، وإن لم يهتد الطريق إليه، فيستجيب له، لأنه الرؤوف الرحيم، ولأنه يريد أن يحفظ له هذا المقدار من الارتباط به، مهما كان ضعيفاً وضئيلاً، فإن حب الله هو من الخيرات التي لا تضيع أبداً، وقد قال تعالى: {أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى}([1]).

وقال: {مَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ}([2]).

فالاستجابة في الحقيقة ليست لأجل ذلك القديس، مثلاً. وإنما هي لأجل الداعي وصاحب الحاجة نفسه.

على أن من المعلوم: أن كل من له عمل حسن، فإن الله لا يضيعه عليه. فإذا عمل الكافر عملاً حسناً فلا بد أن يكافئه عليه في الدنيا، ليذهب إلى الآخرة صفر اليدين.

وقد جاءت الرواية بأن كتابياً كانت له حالة تخوله القيام ببعض الأمور غير العادية، فسأله الإمام الصادق × عن سبب ذلك، فأخبره بأنه يخالف ما تدعوه إليه نفسه، فطلب منه أن يعرض عليها الإسلام.

فعرضه عليها فأبته.

فقال له ×: خالفها.

فلما خالفها ذهبت عنه تلك الحالة، وما ذلك إلا للسبب الذي أشرنا إليه آنفاً.

رابعاً: إن هناك آيات وأدعية لها تأثيرها الحقيقي في بعض الحاجات التي تستعمل لها.. وهذا الأثر يتحقق بمجرد استعمالها على الوجه الصحيح، سواء أكان ذلك من قِبل الكافر أو المؤمن، ومن يراجع الأوراد والتعاويذ التي يقرؤها البعض في مجالات بعينها، ويحدثون من خلالها بعض التأثيرات غير العادية يجد صدق ما ذكرناه.. وإن كنا نرفض فعل هؤلاء وندينه من حيث إن في بعضه إقداماً على المحرمات، ولكن الآثار لتلك الأوراد والأذكار مما لا يمكن دفعه وإنكاره..

خامساً: لا شك في أن للإيحاءات النفسية تأثيراتها في شفاء العديد من الحالات المرضية، أو التخفيف منها، ولا يفرق في ذلك بين أن تأتي من مؤمن أو من كافر..

سادساً: وأخيراً نقول: إن ما نعرفه عن المرتاضين الهنود يوضح لنا: أن بالإمكان ترويض الروح والسيطرة عليها، وللروح قدراتها الهائلة التي تمكنهم من القيام ببعض الأمور الصعبة، وفقاً للنواميس الطبيعية، والسنن المودعة في هذا الكون والوجود، وليس خارج دائرتها، وليس هذا ولا ما سبقه من قبيل الإكرام الإلهي لمن يمارس ذلك، ولا دلالة فيه على مقام مكين له عند الله..

وأما بالنسبة للسؤال الثاني، فنقول في جوابه:

أولاً: إن النصوص الواردة عن المعصومين ^ تقول: إن من يداوم على غسل الجمعة مثلاً، فإن جسده لا يفنى، في أي أرض دفن، ومهما كانت طبيعة جسده، وطبيعة الجو والحالات، والتقلبات التي يواجهها ذلك الجسد..

فلا يصح قياس هذا على الحالات الخاصة التي يدّعون أن الجسد يحافظ على تماسكه فيها.. فإن تلك الحالات مرهونة بالظروف والحالات التي اقتضت ذلك، وأما الوعد الإلهي لأهل الإيمان، فلا يلحظ فيه شيء من ذلك. بل هو وعد غير مكذوب لكل من يعمل بأمر الله سبحانه وتعالى في أي زمان، وأي مكان، وفي جميع الأحوال.

ثانياً: إن الحفريات القائمة على قدم وساق في جميع أرجاء المعمورة، لم توفر قبراً، ولم تترك شبراً تحتمل أن يكون فيه بقية إلا وأقدمت على استخراج خفاياه، ونبش وتفتيش زواياه..

فلم تجد من مخلفات تلك العصور الخالية إلا الرمم البالية، فلماذا لم تعثر من بين تلك الألوف من الرمم على جثة لم تنلها يد الفناء؟!

ولماذا انحصرت مكتشفاتها للأجساد الباقية على حالها ـ فيما تزعم ـ بأجساد أناس لم يطل عليهم الزمن، ولم تتقادم عليهم العهود.. بل ترجع إلى بضع سنوات أو إلى بضع عشرات وحتى لو كانت مئات من السنين حسب دعواهم؟!!

والحمد لله، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله الطاهرين..

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

جعفر مرتضى الحسيني العاملي



([1]) سورة آل عمران الآية 195.

([2]) سورة الزلزلة الآية7.


  • المصدر : http://www.al-ameli.com/subject.php?id=446
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 02 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28