• الموقع : سماحة السيد جعفر مرتضى العاملي .
        • القسم الرئيسي : السيرة الذاتية .
              • القسم الفرعي : الأسئلة العقائدية .
                    • الموضوع : ثقافة الأنبياء ( على نبينا وآله وعليهم السلام ) .

ثقافة الأنبياء ( على نبينا وآله وعليهم السلام )

باسمه تعالى

هناك من يقول: إن الأنبياء في ثقافتهم وإمكاناتهم الفكرية يكونون في مستوى عصرهم. فهل هذا صحيح؟


الجواب :

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

 

والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد..

أولاً: إن هذا الكلام باطل ومردود، لأن ابراهيم × كان اعظم من النبي موسى وعيسى ‘، ومن سائر الأنبياء ما عدا نبينا محمد ’.. فهل انحطت الامكانات الفكرية، وثقافات المجتمعات بعد عصر ابراهيم، ثم عادت إلى الارتفاع في عهد نبينا الأعظم ’؟..

وثانياً: لو كان هذا الكلام صحيحاً، فاللازم أن يكون جميع الأنبياء الذين يكونون في عصر واحد، في مستوى واحد.. مع أننا نعلم أن لوطاً الذي كان في عصر إبراهيم لم يكن في مستوى إبراهيم، فان إبراهيم كان من أولي العزم، وكان أعظم من جميع الأنبياء، ومنهم لوط، باستثناء نبينا الأكرم ’..

وثالثاً: هل إن هذا الكلام يعني: أن النبي محمداً ’ في ثقافته، وفي مستواه الفكري أدنى من الناس في هذا العصر؟!!..

وهل قياس المستويات هذه قد تم عبر أجهزة دقيقة الملاحظة، عرفت مدى النشاط الفكري، وحجم المعلومات التي يملكها الأنبياء عبر العصور، ثم طلعت علينا بهذه النتيجة؟..

رابعاً: إن الأنبياء إنما يستمدون معارفهم، وعلومهم وثقافاتهم من الله خالق الكون والحياة، والمطلع على أسرار كل المخلوقات والمهيمن على مسيرها، والواقف على مسارها.. فهل يستمد مثقفو هذا العصر من مصدر أوثق وأوسع ثقافة، وأعمق فكراً، وأصح رأياً من مصدر معارف الأنبياء وعلومهم.

وأما إذا كان الحديث عن القابليات، فليس ثمة ما يثبت أن استعداد وقابلية البشر للفهم وللوعي، ولتلقي المعارف قد اختلف عما كان عليه عبر العصور، بل قد نجد في الآيات ما يشير إلى عكس ذلك..

قال تعالى: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الأرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا}([1]).

فهل أثاروها بالجهل أم بالمعارف، وبسلطان العلم، وبدقة الممارسة؟

خامساً: إن آدم × الذي كان يعرف من اسم الله الأعظم خمسة عشر حرفاً، لم يكن لديه مجتمع حتى يقال: إن ثقافته كانت في مستوى مجتمعه، أو كانت أدنى أو أرفع.

سادساً: إن ثقافة المعلم ومستواه الفكري لا يقاس بثقافة ومستوى تلامذته، فان حامل الشهادات العالية يدرّس من هو أقل منه ثقافة. وأضعف فكراً..

سابعاً: ولو كان المقصود هو الزيادة إنما تكون للأنبياء على من هو أوسع الناس ثقافةً وأقواهم فكراً في الأمة بأسرها، فلا بد أن يزيد نبي تلك الأمة عليه.

فإنه يقال: إننا إذا قبلنا بضرورة الزيادة، فقد تكون كنسبة ثقافة دكتور يعلم تلامذة في الصفوف الابتدائية، أو كنسبة ثقافة مرجع إلى ثقافة تلامذته الذين انتهوا للتوّ من دراسة مرحلة السطوح..

وقد تكون النسبة أزيد من ذلك، وليس ثمة ما يحدد نسبة هذه الزيادة، فإنها رهن بالقابليات وبالفيض الإلهي عليهم [صلوات الله وسلامه عليهم].

ثامناً: هل يمكن اعتبار الإمام صاحب الأمر أوسع ثقافة، وأرقى فكراً من الإمام علي ×، ومن النبي ’..

نبئونا بعلم إن كنتم صادقين.

والحمد لله رب العالمين.

جعفر مرتضى الحسيني العاملي



([1]) سورة الروم، الآية 9.


  • المصدر : http://www.al-ameli.com/subject.php?id=546
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 11 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29