• الموقع : سماحة السيد جعفر مرتضى العاملي .
        • القسم الرئيسي : الأسئلة والأجوبة .
              • القسم الفرعي : الأسئلة العقائدية .
                    • الموضوع : أحاديث حول المرأة.. هل تصح؟! .

أحاديث حول المرأة.. هل تصح؟!

 أحاديث حول المرأة.. هل تصح؟!

 
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم سيدنا الكريم ورحمة الله وبركاته، وأدام الله ظلكم ذخراً للأمة الإسلامية.
تتواتر أحاديث كثيرة مروية عن الرسول «صلى الله عليه وآله» وأمير المؤمنين «صلوات الله عليه» مثل: «شاوروهن وخالفوهن», «ناقصات العقل والدين»، «غَيرة المرأة كفر»، «المرأة شرٌّ كلُّها»..
فما هي صحة هذه الأحاديث؟! وما تفسيرها؟!
وهل صحيح أنّه مقصود بأحدها امرأة معينة؟!
آجركم الله مولانا العزيز..
 
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..
وبعد..
فإن الحديث عن تواتر هذه الأحاديث قد يكون غير دقيق، إذا أريد تطبيق معايير التواتر بصورة دقيقة في كل نص على حدة.. ولكننا لا نرى أن ثمة محذوراً في هذه الأحاديث من ناحية المعنى والمضمون، فلاحظ ما يلي:
 
ألف: أما قوله: «شاوروهن وخالفوهن»، فيراد به رفع توهم الحظر، أي أنه لا داعي لتوهم حرمة مشاورة المرأة.. وكأنهم يتوهمون أن المشاورة تعني لزوم الطاعة، والعمل بما يشير به المستشار، فجاءت هذه الكلمة لتعالج هذا التوهم أيضاً، وتقول: إن المشاورة لا تعني لزوم العمل بمضمونها، بل يبقى الخيار للمستشير، فيمكنه أن يعمل بمضمونها، ويمكنه أن لا يعمل..
والغرض من هذه الكلمة: بيان: أن مشاورة النساء ليست حراماً، فإذا أشارت المرأة بشيء لم يجب طاعتها فيه. بل يمكن للمستشير أن يخالفهن فيما يشيرن به..
 
ب: قوله «عليه السلام» عن النساء: إنهن «ناقصات العقل والدين..» إنما يراد به بيان حقيقة راهنة فيما يرتبط بتكوين المرأة بالنسبة للرجل.. وبيان: أن الحياة تحتاج إلى كل من الرجل والمرأة، ولكل منهما مهمات تحتاج إلى قدرات وطاقات تناسبها. وإلى مكونات وخصوصيات جسدية ونفسية في مستوى معين، وإلى مشاعر ورغبات، وأمزجة وميول ذات طابع مناسب..
إلى آخر ما هنالك مما تفرضه طبيعة الخلق، وحسن التصرف فيه. وما يحتاجه من وسائل وأسباب توصله إلى كماله المنشود، فاقتضى الأمر وجود بعض التفاوت بين الرجل والمرأة في القدرات العقلية، والإختلاف في النوعية، بسبب الإختلاف في المجالات والوظائف التي يتصدى لها الرجل، وتلك التي تعالجها المرأة، من حيث الحاجة إلى نشاط لنوع من الخلايا هنا، ونشاط لنوع آخر هناك مع تفاوت في درجات القوة فيه..
ولنشبه عقل المرأة والرجل بمحرك سيارة يعطي قوة اندفاع بدرجة تسعين حصاناً، فإنه يحقق الغرض، ويدفع بالسيارة بكل ما فيها من أثقال وأحمال، لتسير بسرعة مئة كيلو متر مثلاً، وتوصل إلى المقصد في الوقت المحدد، فلو أننا وضعنا لها محركاً آخر أقوى من محركها الأول، وفيه ميزات وأجهزة أخرى لأغراض مختلفة، وهو بقوة مئة حصان مثلاً، فإنه يدفع السيارة لتسير بنفس السرعة، وتوصل إلى الهدف في نفس اللحظة..
وإنما يظهر الفرق بين المحركين في تلك الأغراض الأخرى، وفيما لو أردنا التعدي عن الهدف، ووضعنا هدفاً آخر أبعد، ويراد الوصول بسرعة أزيد، وبوقت أقل..
فعلى هذا الأساس نقول:
لا يظهر التفاوت بين عقل الرجل والمرأة في التكاليف الشرعية، ولا في كثير من الأمور العادية التي يتصديان لها..
وإنما يظهر الفرق في موارد قليلة تظهر سماتها في اختلاف الرجل والمرأة في بعض الأحكام، كاختلافهما في موضوع الشهادة، وفي عدم جواز تولي المرأة للقضاء، وفي أنها لا تتولى للسلطة، ولا تصل إلى مقام النبوة والإمامة.. ونحو ذلك..
ويظهر ذلك أيضاً في موضوع قعود المرأة عن الصلاة والصيام في أيام عادتها، فإن المهمة التي أهّلت لها المرأة قد اقتضت أن تكون لها حالات خاصة في موضوع خلقتها، فهي تحمل وتضع، وترضع.. وهي تطهر وتحيض، ولها مدة نفاس واستحاضة، وما إلى ذلك.. ولهذه الأمور آثارها على النفس وعلى الروح، وعلى المشاعر.. وتعيق عن ممارسة بعض العبادات، فراعى الشارع حالها هذا، ولم يكلفها ـ كما قلنا ـ بمهمات: القضاء، والإمامة، والشهادة، ووضع عنها الصلاة، ولم يكلفها بقضائها، وأمرها بالإفطار، ثم بالقضاء في أيام طهرها من الحيض أو النفاس، وجعل لها أحكاماً للإستحاضة، وللحضانة، وللرضاع وما إلى ذلك..
فإذا قيل: إن النساء ناقصات العقل والدين، فإنما يراد به بيان حالة واقعية، وهي: أنها في هذين الأمرين غير قادرة على مضاهاة الرجل.. وإن كان كثيراً من النساء قد يفضلن كثيراً من الرجال في العقل وفي الدين. ومن هؤلاء النسوة: الزهراء، وزينب، وخديجة، وآسية، ومريم «عليهن السلام»، وكثيرات أخريات..
 
ج: قوله «عليه السلام» غيرة المرأة كفر هو الآخر مما تصدقه الوقائع التي يعيشها الناس كلهم في الحياة الزوجية، فإنه بالرغم من أن سلامة المسيرة الحياتية تقضي بأن يكون للرجل خصوصية فيما يرتبط بالحاجات الجنسية، وقد أجاز له الشرع أن يمارس حقه هذا، إن احتاج إلى ذلك.. ولكن وفق حدود وقيود تمنعه من الحيف والظلم، فإن المرأة بالرغم من علمها بصدور هذه الإجازة من رب العباد، فإنها ترفض ذلك وتقاومه بكل قوة، وتنقم وتحقد، وتغضب وتحرد، وقد لا تهتم لهذا القرار الإلهي، وربما يصل الأمر ببعضهن إلى الحقد إلى حد الجرأة على الشرع، وعلى الدين، وعلى من جاء به، وضحى في سبيله بكل غال ونفيس..
أما الرجل، فإنه إنما يغار على المرأة لحفظ دينها، ولأجل صونها، ودوام عفتها، مع أنه يستطيع أن ينفصل عنها، ويقول: لا يعنيني أمرها..
 
د: أما حديث: «المرأة شر كلها.. وشر ما فيها أنه لا بد منها»، فهو من كلام علي «عليه السلام»، ونحن نعلم: أن فاطمة الزهراء «عليها السلام» كانت زوجته، وهي سيدة نساء العالمين، وزينب ابنته، وهي التي حفظ بها الدين، وحفظت دماء الشهداء الطاهرين في كربلاء..
كما أن أم الزهراء ـ أعني خديجة الكبرى ـ هي الأخرى سيدة نساء العالمين، فضلاً عن سائر النساء اللاتي لا يضاهيهن أكثر الرجال في الفضل والعقل والدين، والشرف والكرامة والنبل.. فهل يعقل أن يعتبر علي «عليه السلام» هؤلاء النسوة الطاهرات شر كلهن، وشر ما فيهن أنه لا يمكن الإستغناء عنهن؟!
حاشاه! ثم حاشاه؟!
ولكن علياً «عليه السلام» يعني بالمرأة التي هي شر كلها تلك المرأة التي أدخلت على المسلمين مصائب وبلايا، وجلبت لهم كوارث ورزايا، لعل بعض آثارها قد بقي وسيبقى إلى ما شاء الله تعالى..
وهو «عليه السلام» لم يصرح باسم هذه المرأة، لأنه رأى أن هذا هو الأولى والأصوب، فما بالنا نبحث عمن يصرح لنا باسمها، مع أن الله تعالى لم يظهر أحداً منا على غيبه، فكيف لنا أن نعلم بمقاصد علي بن أبي طالب «عليه السلام»، ونحن إنما ولدنا بعد استشهاده «عليه السلام» بمئات السنين؟!
والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..
جعفر مرتضى العاملي
 
المصدر: مختصر مفيد، ج 16.

  • المصدر : http://www.al-ameli.com/subject.php?id=567
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 04 / 19
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29