||   الموقع بإشرف السيد محمد مرتضى العاملي / پايگاه اينترنتى تحت اشرف سيد محمد مرتضى عاملي مي‌باشد   ||   الموقع باللغة الفارسية   ||   شرح وتفسير بعض الأحاديث..   ||   لقد تم افتتاح الموقع أمام الزوار الكرام بتاريخ: 28/جمادی الأولی/ 1435 هـ.ق 1393/01/10 هـ.ش 2014/03/30 م   ||   السلام عليكم ورحمة الله.. أهلاً وسهلا بكم في موقع سماحة السيد جعفر مرتضى العاملي.. نود إعلامكم أن الموقع قيد التحديث المستمر فترقبوا المزيد يومياً..   ||  



الصفحة الرئيسية

السيرة الذاتية

أخبار النشاطات والمتابعات

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

المؤلفات

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

الأسئلة والأجوبة

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

التوجيهات والإرشادات

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

الحوارات

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

النتاجات العلمية والفكرية

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

الدروس

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

الصور والتسجيلات

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

مركز نشر وترجمة المؤلفات

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

مختارات

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

مركز الطباعة والنشر

شريط الصور


  • ابن عربي سني متعصب غلاف
  • رد الشمس لعلي
  • سياسة الحرب غلاف
  • زواج المتعة
  • الولاية التشريعية
  • كربلا فوق الشبهات جديد
  • علي ويوشع
  • طريق الحق
  • توضيح الواضحات
  • دراسات وبحوث في التاريخ والإسلام ط ايران
  • تخطيط المدن في الإسلام
  • تفسير سورة الماعون
  • تفسير سورة الكوثر (التاريخ العربي)
  • تفسير سورة هل أتى
  • تفسير سورة الناس(التاريخ العربي)
  • تفسير سورة الكوثر
  • تفسير سورة الفاتحة (التاريخ العربي)
  • السوق في ضل الدولة الإسلامية
  • سنابل المجد
  • سلمان الفارسي في مواجهة التحدي
  • الصحيح من سيرة الإمام علي ج 3
  • الصحيح من سيرة الإمام علي
  • صفوة الصحيح فارسي
  • رد الشمس لعلي
  • كربلاء فوق الشبهات
  • اكذوبتان حول الشريف الرضي
  • منطلقات البحث العلمي
  • مختصر مفيد
  • المقابلة بالمثل
  • ميزان الحق ط 1
  • ميزان الحق (موضوعي)
  • موقف الإمام علي (عليه السلام) في الحديبية
  • المراسم والمواسم _ إيراني
  • المواسم والمراسم
  • مقالات ودراسات
  • مأساة الزهراء غلاف
  • مأساة الزهراء مجلد
  • لماذا كتاب مأساة الزهراء (عليها السلام)؟!
  • لست بفوق أن أخطئ
  •  خسائر الحرب وتعويضاتها
  • علي عليه السلام والخوارج
  • ظاهرة القارونية
  • كربلاء فوق الشبهات
  • حقوق الحيوان
  • الحاخام المهزوم
  • الحياة السياسية للإمام الجواد
  • الحياة السياسية للإمام الحسن ع سيرة
  • الحياة السياسية للإمام الحسن ع
  • الحياة السياسية للإمام الحسن ع ايران
  • الحياة السياسية للإمام الرضا ع
  • إدارة الحرمين الشريفين
  • ابن عباس ـ ايران
  • ابن عربي سني متعصب
  • ابن عباس وأموال البصرة
  • دراسة في علامات الظهور مجلد
  • بلغة الآمل
  • براءة آدم (ع)
  • بنات النبي أم ربائبه غلاف
  • بنات النبي أم ربائبه
  • عرفت معنى الشفاعة
  • الصحيح1
  • الصحيح 2
  • الصحيح8
  • الجزيرة الخضراء
  • الجزيرة الخضراء
  • الصحيح
  • الغدير والمعارضون لبنان
  • الغدير والمعارضون
  • الأداب الطيبة المركز
  • الآداب الطبية في الإسلام
  • البنات ربائب
  • علامات الظهور
  • علامات الظهور قديم
  • أحيو امرنا
  • أهل البيت في آية التطهير
  • افلا تذكرون
  • ابوذر
  •  بنات النبي (صلى الله عليه وآله) أم ربائبه؟!
  • الإمام علي والنبي يوشع
  • براءة آدم (ع)
  • الغدير والمعارضون
  • الإمام علي والخوارج
  • منطلقات البحت العلمي
  • مأساة الزهراء عليها السلام

خدمات

  • الصفحة الرئيسية
  • أرشيف المواضيع
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إتصل بنا





  • القسم الرئيسي : المؤلفات .

        • القسم الفرعي : الكتب .

              • الموضوع : إبن عباس وأموال البصرة .

إبن عباس وأموال البصرة

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

/صفحة 1/

ابن عباس
وأموال البصرة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

/صفحة 2/

حقوق الطبع محفوظة للمؤلف
الطبعة الثانية
2004م. ـ 1424 هـ.
المركز الإسلامي للدراسات

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

/صفحة 3/

ابن عباس
وأموال البصرة
دراسة وتحليل
السيد جعفر مرتضى العاملي
المركز الإسلامي للدراسات

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

/صفحة 4/

بسم الله الرحمن الرحيم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

/صفحة 5/

تقديم:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير خلقه أجمعين، سيدنا ونبيّنا محمد وآله الطيبين الطاهرين..

وبعد..

فقد سنحت لي الفرصة أخيراً للقيام ببحث هذه القضية، التي طالما تشوقت لبحثها وتمحيصها، وكشف النقاب عن ظروفها وملابساتها..

هذه القضية التي لها علاقة مباشرة بابن عباس:

الشخصية الفذة، الذي قام بدور رئيسي في تأييد الإمام علي عليه السلام.. سواء في حياته عليه السلام.. أو تأييد حقه، وحق أهل البيت عليهم السلام بعد استشهاده، صلوات الله وسلامه عليه..

والرجل.. الذي اشتهر بصراحته المثيرة، ومواقفه الجريئة..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

/صفحة 6/

والإنسان.. الذي كان ـ وما يزال ـ يتمتع بالاحترام والتقدير، وله شهرة علمية وأدبية واسعة. لم تكن لتكون له، لو لم يكن يتمتع بالمؤهلات الحقيقية والنادرة، التي رسخت بمعطياتها هذه الشهرة الواسعة، وجسدت المثال الحي للشخصية التي تستحق كل هذا الاحترام، وكل ذلك التقدير..

ولكننا ـ ومع كل أسى وأسف ـ نلاحظ: أنه قد نسب إلى هذا الرجل بالذات ما يمس كرامته، ويطعن في نزاهته، وينزله من أوج الجلال والمهابة.. إلى حضيض الذل والمهانة.. لقد نسب إليه: سرقة بيت مال البصرة، حينما كان والياً عليها من قبل علي عليه السلام..

ولعل مما يعمق فينا الشعور بالأسف والمرارة: أن نرى كاتباً، كبيراً، وأديباً بارعاً كالدكتور طه حسين، يحاول استغلال هذه القضية، فيعقد لها فصلاً خاصاً في كتابه: الفتنة الكبرى، ويعرضها ـ من ثم ـ على طريقته الخاصة، ويحاول أن يصورها بشكل مقنع ومقبول.. ودونما أي تمحيص أو بحث نراه يعتبرها من المسلمات التاريخية ـ بالرغم من محاولاته التشكيك فيما هو أكثر قوة ووضوحاً منها ـ ثم هو يركز عليها بشكل بارز وملحوظ في كثير

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

/صفحة 7/

من استنتاجاته وملاحظاته، في العديد من الموارد في كتابه الآنف الذكر..

وعلى كل حال.. ومهما يكن الدافع لطه حسين في موقفه هذا من ابن عباس، وزير علي عليه السلام، ومدبر أموره ـ على حد تعبير هذا الكاتب ـ فإن الشيء الذي لابد لنا من الإشارة إليه هو:

إن شخصية ابن عباس الفذة.. وإن بقيت طاغية على هذا الاتهام، وخنقته في مهده أو كادت.. إلا أنه لا يسع الباحث ـ في أي من الظروف والأحوال ـ تجاهل اتهام كهذا، والاستسلام في رده أو قبوله إلى انفعالات عاطفية، أو وجدانية بحتة.. كما قد يفعله الآخرون..

بل لابد للباحث المنصف من تلمس الحقيقة في الوقائع التاريخية نفسها، ومحاكمة أية قضية في ضوئها، وعلى أساسها، بعد التعرف الكامل على الأجواء والمناخات التاريخية، التي تعطي الباحث الضوء الأخضر، وتمنحه شجاعة إصدار الرأي الحر، قبولاً أو رفضاً؛ إذا اقتضى الأمر أياً من الرفض أو القبول..

وكان ذلك هو المنطلق في هذه الدراسة الموجزة، كما

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

/صفحة 8/

سيلمسه القارىء بنفسه..

ومن الله نستمد العون.. وهو الموفق والمسدد..

جعفر مرتضى الحسيني العاملي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

/صفحة 9/

ابن عباس في سطور:

هو: عبد الله بن العباس، بن عبد المطلب، بن هاشم، بن عبد مناف..

أبوه: العباس، عم النبي صلى الله عليه وآله.

أمه: أم الفضل، لبابة بنت الحارث الهلالية..

ولادته: قبل هجرة النبي صلى الله عليه وآله بثلاث سنين، عندما كان بنو هاشم محصورين في الشعب من قبل قريش.. وقيل: بل قبل الهجرة بخمس سنين، وقيل غير ذلك. والأول هو الأشهر، وعليه الأكثر.

وفاته: في سنة 68 هـ. على أشهر الأقوال، أي: في خلافة عبد الملك بن مروان في الشام، وعبد الله بن الزبير في مكة.. عن عمر نيف على السبعين. وكانت وفاته بالطائف، وصلى عليه محمد بن الحنفية..

صفته: كان أبيض طويلاً جسيماً، وسيماً صبيح الوجه، له وفرة، ولما كف بصره اعترى لونه صفرة يسيرة..

يقال: أنه غزا أفريقية مع ابن أبي سرح سنة سبع وعشرين.

شهد مع علي عليه السلام: الجمل، وصفين، والنهروان..

كان على مقدمة علي عليه السلام في حرب الجمل كما ذكره الشيخ المفيد في كتاب الجمل.. لكن يظهر من آخرين أنه كان على ميمنة علي عليه السلام فيها..

كان على ميسرة علي عليه السلام في صفين..

ولاه علي عليه السلام البصرة بعد حرب الجمل، واستمر والياً عليها إلى أن قتل علي عليه السلام في سنة أربعين..

وولي البصرة أيضاً من قبل الإمام الحسن عليه السلام، وبقي عليها إلى أن صالح الحسن عليه السلام معاوية على شروط لم يف بها معاوية له.. ويقال: إنه شهد الصلح أيضاً..

رشحه الإمام علي عليه السلام ممثلاً عنه في التحكيم بعد صفين؛ فرفضه أولئك الذين أصبحوا فيما بعد خوارج..

ناظر الخوارج في النهروان، وكان يلقي عليهم ما يلقنه إياه الإمام عليه السلام؛ فرجع منهم ـ على ما قيل ـ ألفان عن غيهم وضلالهم..

كان مع الطالبيين الذين حصرهم ابن الزبير، وجمع الحطب حول دورهم، وأراد إحراقهم؛ فأنقذتهم النجدة من الكوفة من شر ابن الزبير..

اشتهر عنه: انه كان يكتب الحديث، ويحتفظ به، ويقصد بيوت الصحابة في طلبه..

اشتهر بالتفسير والفقه، وقوة العارضة في الجواب، وإيراد الحجج..

له مواقف، واحتجاجات ومناظرات مشهورة مع معاوية وابن العاص، ومروان، وابن الزبير.. وغيرهم من أعداء علي عليه السلام وأهل البيت عليهم السلام..

كف بصره في آخر عمره؛ فعيره معاوية بذلك، حيث قال له: أنتم يا بني هاشم تصابون في أبصاركم.

فقال له ابن عباس: وأنتم يا بني أمية تصابون في بصائركم.. ولعل فقده بصره كان هو المانع له عن الخروج مع الحسين عليه السلام، كما يفهم من ابن كثير في البداية والنهاية..

وقد صرحالبغض بأنه قد عمي قبل سم معاوية للإمام الحسن عليه السلام([1]).

ويقال: إن سبب عماه هو كثرة بكائه على علي عليه السلام([2])

وأخيراً.. فقد كان يتمتع بمكانة مرموقة، سواء في حياة علي عليه السلام، أو بعد وفاته.. وأما مكانته من علي نفسه؛ فتلك غنية عن البيان.

ويكفي أن نذكر: أن طه حسين يراه: «أقرب الناس إلى علي، وآثرهم عنده».

وأنه: «صاحب رأي علي، وأعرف الناس بدخيلة أمره». إلى آخر كلامه.. الذي لا نرى حاجة لإيراده..

ابن عباس وأموال البصرة..

البداية:

يذكر بعض المؤرخين: أن ابن عباس قد سرق أموال البصرة وذلك عندما كان والياً عليها من قبل ابن عمه علي بن أبي طالب عليه السلام.

ولقد أطال بعضهم في تفصيل هذه القضية، وذكر ملابساتها، ونصوص الكتب المتبادلة بين علي عليه السلام وأبي الأسود من جهة..

ومن جهة ثانية: بين علي عليه السلام وابن عباس، وهو في البصرة تارة.. وفي مكة أخرى..

ونحن ننقل هذه القضية بعين النصوص التي جاءت في المصادر التي رجعنا إليها، ولا نسقط منها إلا نصوص الكتب المتبادلة بين من ذكرنا آنفاً، لأننا رأينا: أن ذكر الرسائل أيضاً سوف يطول به المقام، ويوجب ولا شك الملل لدى القارئ, كما أننا لابد وأن نشير إلى أننا قد حاولنا إدخال حديث بعض تلك المصادر في بعض، وتتميم ما نقص من بعضها، مما زاد في الآخر..

ونستطيع أن نعرض هذه الرواية ـ بعد ما قدمناه ـ على النحو التالي:

النص التاريخي للرواية:

إنه في سنة أربعين للهجرة([3]) خرج عبد الله بن العباس من البصرة، ولحق بمكة..

وسبب ذلك: أن عبد الله قد مر ـ وهو والي البصرة ـ على أبي الأسود الدؤلي، فقال له: يا أبا الأسود، لو كنت من البهائم كنت جملاً، ولو كنت راعياً ما بلغت المرعى، ولا أحسنت مهنته في المشتا..

فكتب أبو الأسود إلى علي يتهم ابن عباس: بأنه قد أكل ما تحت يده، بغير علمه..

فكتب علي إليه: يشكره على وشايته، ويطلب منه إعلامه بكل ما يكون بحضرته..

ثم كتب إلى ابن عباس: يطلب منه أن يرفع إليه حسابه..

فأجابه ابن عباس نافياً التهمة عن نفسه، ويطلب منه أن لا يصدق الظنون فيه..

فأجابه عليه السلام بالإصرار على محاسبته، ومعرفة كل ما أخذه، وأين وضعه..

فأجابه ابن عباس، بكلام قاسٍ، يتهمه فيه: بأنه قتل الناس، وسفك الدماء من أجل الملك. وأنه ظاعن عن عمله؛ فليبعث مكانه من أحب..

فعندما تسلم علي عليه السلام كتابه تعجب منه، وقال: أو ابن عباس لم يشركنا في هذه الدماء؟!..

ثم كتب إليه: أنه هو أيضاً قد شارك في سفك هذه الدماء، ولكنه يقول ذلك؛ لأنه لا حياء له..

قالوا: ولما أراد ابن عباس الخروج من البصرة، دعا أخواله من بني هلال بن عامر؛ فجاءه الضحاك بن عبد الله ـوكان على شرطة البصرة ـ وعبد الله بن رزين، وقبيصة بن عبد عون، وغيرهم من الهلاليين. فقال الهلاليون: لا غناء بنا عن إخواننا من بني سليم. ثم اجتمعت معه قيس كلها.

وصحب ابن عباس أيضاً: سنان بن سلمة بن المحبق الهذلي، والحصين بن أبي الحر العنبري، والربيع بن زياد الحارثي..

فلما رأى عبد الله من معه، حمل المال ـ وهو ستة آلاف ألف ـ في الغرائر «قال أبو عبيدة: كانت أرزاقاً قد اجتمعت؛ فحمل مقدار ما اجتمع له»، ثم سار، واتبعه أخماس البصرة([4]) كلهم، فلحقوه بالطف على أربعة فراسخ من البصرة؛ فتوافقوا يريدون أخذ المال..

فقالت قيس: والله: لا يصلون إليه ومنا عين تطرف.

فطلب صبرة بن شيمان بن عكيف الحداني، وهو رأس الأزد الانصراف؛ إبقاء على مودة عشيرته مع قيس.

واعتزلت أيضاً بكر، وعبد القيس. وأبى بنو تميم الانصراف؛ فنصحهم الأحنف، فأصروا على القتال من أجل المال؛ فاعتزلهم الأحنف؛ فرأسوا عليهم ابن المجاعة التميمي. فاقتتلوا قتالاً كثيراً، وحمل الضحاك على ابن المجاعة؛ فطعنه، فاعتنقه عبد الله بن رزين، فسقطا إلى الأرض يعتركان. وكثرت الجرحى من الفريقين، ولم يقتل أحد..

فقالت الأخماس: ما صنعنا شيئاً؛ اعتزلناهم، وتركناهم يتحاربون؛ فضربوا وجوه بعضهم عن بعض، وحجزوا بينهم، وقالوا لبني تميم: والله، لنحن أسخى أنفساً منكم؛ حين تركنا هذا المال لبني عمكم، وأنتم تقاتلونهم عليه؛ إن القوم قد حملوا وحموا، فخلوا عن القوم، وعن ابن أختهم؛ ففعلوا ذلك.

ومضى ابن عباس، ومعه من وجوههم نحو عشرين، سوى مواليهم، ومواليه، ولم يفارقه الضحاك، ولا ابن رزين، حتى وافى مكة..

وقال قائل أهل البصرة، وقيل: بل القائل هو راجز عبد الله بن العباس نفسه:

صبح من كاظمة الحض الغضب            سبع دجاجات وسنور جرب

مع ابن العباس بن عبد المطلب

وجعل ابن عباس يرتجز ويقول:

آوي إلى أهلك يا رباب                    آوي فقد آن لك الإياب

وجعل أيضاً يرتجز ويقول:

وهـن يمشين بنـا هميسـا        إن يصدق الطير (.. ) لميسا([5])

فقالوا له: يا أبا العباس، أمثلك يرفث في هذا الموضع؟!.

قال: إنما الرفث ما يقال عند النساء..

وكان ابن عباس يعطي في طريقه من سأله، ومن لم يسأله من الضعفاء، حتى قدم مكة. ولما قدمها ابتاع من عطاء بن جبير، مولى بني كعب بن خزاعة: ثلاث مولدات: شادن، وحوراء، وفنون بثلاثة آلاف دينار..

فأرسل إليه علي عليه السلام كتاباً يؤنبه فيه على شرائه الإماء بأموال اليتامى والأرامل، ويتهدده.

فأجابه عبد الله: بأن ما أخذه هو دون حقه في بيت المال..

فكتب إليه علي أيضاً مؤنباً، ومخوفاً من سوء الحساب.

فأجابه ابن عباس:

«والله، لئن لم تدعني من أساطيرك لأحملنه إلى معاوية يقاتلك به.. ». فكف عنه علي عليه السلام([6]).

قيس بن الغاضب:

وعندما لحق عبيد الله بن العباس بمعاوية، الذي جاء لحرب الحسن عليه السلام، حيث أغراه بالمال..

قام قيس بن سعد، فخطب في الجند حينئذٍ، وقال:

«إن هذا، وأباه، وأخاه لم يأتوا بيوم خير قط: إن أباه عم النبي، خرج يقاتله ببدر؛ فأسره أبو اليسر كعب بن عمرو الأنصاري؛ فأتى به رسول الله، فأخذ فداءه وقسمه بين المسلمين، وان أخاه ولاه علي أمير المؤمنين على البصرة؛ فسرق مال الله، ومال المسلمين، فاشترى به الجواري، وزعم أن ذلك له حلال»([7]).

وابن الزبير أيضاً:

كما أن عبد الله بن الزبير قد عرض بابن عباس، وسرقته لبيت مال البصرة؛ فقال بحيث يسمعه ابن عباس:

«.. وأن ههنا رجلاً قد أعمى الله قلبه، كما أعمى بصيرته، يزعم: إن متعة النساء حلال من الله ورسوله، ويفتي في القملة والنملة؛ وقد احتمل بيت مال البصرة بالأمس، وترك المسلمين بها يرتضخون النوى. وكيف ألومه في ذلك، وقد قاتل أم المؤمنين.. ثم ذكر جواب ابن عباس له؛ فكان مما قاله: وأما حملي المال؛ فإنه كان مالاً جبيناه، وأعطينا كل ذي حق حقه، وبقيت بقية، دون حقنا في كتاب الله؛ فأخذناها بحقنا.. »([8]).

الرواية..
بين الواقع والخيال

وأما حكمنا على هذه الرواية:

كان ذلك هو خلاصة ما يذكره بعض المؤرخين حول سرقة ابن عباس لبيت مال البصرة.

أما نحن فنعتقد: أن هذه الرواية بتمامها من نسج الخيال؛ لأننا نجد في الدلائل والشواهد التاريخية ما يدل على أنها لا يمكن أن تصح، وما يمكن أن يصح ـ لو كان لهذه القضية أصل ـ هو رواية ابن أعثم الكوفي الآتية..

وأما هذه الرواية الطويلة العريضة، التي يطغى عليها الطابع الروائي المسرحي، وتنسجم كل الانسجام مع الأسلوب الذي كانت ينتهجه القصاصون، الذين كانوا يستطيعون أن يجعلوا من الحبة قبة ـ كما يظهر من ملاحظة وقائعها، والمعركة التي اقتتلوا فيها قتالاً كثيراً!!، وكثر فيها الجرحى، ولم يكن بينهم قتيل!! وغير ذلك من الفقرات، التي لابد وأن تثير عجب واستغراب كل من يلاحظها، ويتأمل فيها ـ أما هذه الرواية ـ فكل الأدلة تشير إلى أنها ـ بهذا النحو ـ مفتعلة ومختلقة..

وقبل أن نذكر ما نستند إليه في حكمنا هذا، نود أن نشير إلى:

ملاحظات لابد منها:

1 ـ هل أخذ ابن عباس ستة ملايين درهم، كما تقول الرواية المتقدمة؟ أم أخذ عشرة آلاف درهم([9])

2 ـ إن عمر ابن عباس كان سنة أربعين للهجرة يناهز الـ (43) أو الـ (45) عاماً على اختلاف النقل في تاريخ ميلاده..

وكان له ـ على حد تعبير طه حسين:

«من العلم بأمور الدين والدنيا ومن المكانة في بني هاشم خاصة، وفي قريش عامة وفي نفوس المسلمين جميعاً، ما كان خليقاً أن يعصمه عن الانحراف عن ابن عمه، مهما تعظم الحوادث، وتدلهم الخطوب.. »([10]).

كما أن كهولته، وعلمه، وسداد رأيه، ومكانته التي جعلت معاوية يرى أنه: «رأس الناس بعد علي» ـ كل ذلك ـ لم يمنعه من سرقة أموال المسلمين، والانغماس في لذاته، والانقياد إلى شهواته، حتى ولو كان ذلك على حساب كل ما ذكرناه من مميزاته تلك.

وكأنه لم يكن يعلم: أن المباح قد يحرم؛ لو كان يتنافى مع شخصية الإنسان، ومكانته الاجتماعية!!.

كما أن ذلك كله.. لم يمنعه من التفوه بتلك الأرجاز الركيكة، التي تنسبها الرواية إليه، سيما تلك التي تتضمن الألفاظ القبيحة والصريحة، حتى لقد جعل صاحبه يعترض عليه، ويقول له: «أمثلك يرفث في هذا الموضع؟!! »، مما يعني أن مكانة ابن عباس لم تكن لتسمح له ـ وهو الرجل الكامل المسن، العالم الحازم ـ بأن يصدر منه مثل ذلك..

3 ـ إننا بالإضافة إلى أننا لا نعلم الكثير عن عدد من الشخصيات الواردة أسماؤهم في هذه الرواية، وبعضهم مجهول لدينا تماماً..

نلاحظ: أن سلسلة رواة هذه الرواية، تشتمل على مجهولين ـ كرجل من أهل اليمامة، وسليمان بن راشد، وغير ذلك ـ أو على من عرفوا بالبغض لعلي، والانحراف عن أهل البيت عليهم السلام، وممالاتهم لأعدائهم ومناوئيهم، كالشعبي، والزهري وغيرهما..

4 ـ تذكر لنا هذه الرواية: أن ابن عباس يتهم علياً عليه السلام في بعض رسائله به: بأنه إنما أراق دماء المسلمين؛ من أجل الملك والسلطان، الأمر الذي أثار عجب علي عليه السلام، الذي قال: وابن عباس، ألم يشركنا في هذه الدماء؟!.

وهذا ينافي ما جرى بينه وبين ذلك الشامي! الذي سأله عن الدماء التي سفكها علي عليه السلام.. حيث أثبت له ابن عباس ـ بعد موت علي ـ: أن سفك علي عليه السلام لتلك الدماء كان بالحق؛ لأنها كلها كانت تستحق القتل، وقد أطال في إثبات هذا الأمر، حتى اقتنع ذلك الشامي، وأقر، وعاد إلى موالاة علي عليه السلام([11]).

كما أنه لا يتفق مع مواقف ابن عباس السابقة واللاحقة في دفاعه عن مواقف علي عليه السلام، وتأكيداته المتكررة لكل خصوم علي: أنه عليه السلام كان على الهدى والحق، ولم يكن يقصد في كل مواقفه إلا رضا الله تعالى.. بخلاف أعدائه ومناوئيه: معاوية، ومن لف لفه، وابن الزبير، وغيرهم؛ فإنهم كانوا طلاب ملك وسلطان([12])..

ولم نجد أبداً من يشكل عليه: بأن ذلك يناقض قوله:

إن سفك علي عليه السلام دماء المسلمين كان من أجل الملك والسلطان!!.. أم أنهم كانوا أغبياء إلى حد أنهم جميعاً ينسون هذه الحجة الدامغة؛ وفيهم دهاة العرب، المشهود لهم من كل أحد بالفطنة، والدقة، والذكاء؟!.

5 ـ يلاحظ: أن هذه الرواية لم تبين حال هذه الستة ملايين: هل هي من الدراهم؟ أو من الدنانير؟!..

6 ـ تنص الرواية على أن الضحاك بن عبد الله، أو عبيد الله الهلالي، كان على شرطة البصرة.. لكن كتب التاريخ تقول: إن الذي كان على شرطة ابن عباس في البصرة هو: الضحاك بن قيس الهلالي([13])، أو الضحاك بن قيس بن عبد الله، حسبما ينص عليه البلاذري([14]).

وذلك يناقض قول البلاذري الآخر في الرواية: أن الذي كان على شرطة ابن عباس في البصرة هو: الضحاك بن عبد الله..

وإذا ما أردنا توجيه ذلك: بأن كلا من الرجلين واحد؛ وذلك لشيوع النسبة إلى الأب تارة، وإلى الجد أخرى.. مؤيدين ذلك بأن البعض قد صرح بأن مجيب بن الحضرمي هو الضحاك بن عبد الله الهلالي([15])، نفس البطل المذكور في رواية السرقة المتقدمة..

فإننا سوف نجد أن القضية سوف تصبح أكثر إشكالاً بالنسبة إلى البلاذري الذي يرى: أن قضية السرقة، وفرار ابن عباس إلى مكة كانت قبل فتنة ابن الحضرمي، مع أنه هو وغيره يصرحون بأن الضحاك قد فر مع ابن عباس إلى مكة، كما أنه هو نفسه يصرح بأن الضحاك قد واجه ابن الحضرمي بكلام قاس في البصرة!؛ فهل يعقل أن يكون الضحاك في البصرة وفي مكة في وقت واحد؟!.. هناك مع ابن عباس، وهنا في موقفه مع ابن الحضرمي؟!.

ولو أننا احتملنا: أن يكون الضحاك قد أوصل ابن عباس إلى مكة، فلما اطمأن عليه عاد إلى البصرة، ووقف من ابن الحضرمي ذلك الموقف الغريب، الذي أيد فيه علياً عليه السلام!!.. بعد أن ناصر عامله، وأعانه على شق عصا الطاعة، وسرقة بيت المال!!! الأمر الذي أساءه وأزعجه جداً..

ـ لو أننا احتملنا ذلك ـ فإننا نجد من الناحية الأخرى أن الطبري في تاريخه، وابن كثير في البداية والنهاية، والمعتزلي، والثقفي يصرحون بأن ابن عباس كان في سنة 39 عند علي عليه السلام في الكوفة. وأنه كان في هذه السنة ـ كما يصرحون وابن الأثير معهم ـ والياً على البصرة من قبل علي عليه السلام، وهو الذي ولى في هذه السنة أيضاً زياداً على فارس أو أشار بتوليته.. هذا بالإضافة إلى التصريحات السابقة بأن قضية السرقة، ومفارقة ابن عباس لعلي عليه السلام كانت في سنة أربعين للهجرة. وأما فتنة ابن الحضرمي فقد كانت في سنة 38 هـ. فكيف تكون فتنة ابن الحضرمي بعد سرقة ابن عباس للأموال كما يقوله البلاذري؟!!.. وبعد فراره إلى مكة؟!!.

7 ـ تنص الرواية على أن إحدى عشرة رسالة قد تبودلت بين علي عليه السلام وابن عباس، وعلي وأبي الأسود.

بل وإذا أضفنا إلى ذلك: أن ابن عباس قد ندم، واعتذر إلى علي، وأن علياً عليه السلام قد راسله بالرضا عنه ـ حسب بعض الروايات ـ؛ فإن الرقم سوف يزيد عن ذلك أيضاً..

يضاف إلى ذلك: مسير ابن عباس من البصرة إلى مكة، ووقائع طف البصرة، وكذلك ما جرى في مكة، ثم عودة ابن عباس منها إلى البصرة، بعد رضا علي عنه، حسب بعض الروايات.

وأضفنا إليه أيضاً: أننا لم نجد ما يدل على سوء تفاهم بين علي وابن عباس في سنة تسع وثلاثين، بل نجد الكثير مما يدل على تمام التفاهم والانسجام، خصوصاً وأنه كان في هذه السنة عنده في الكوفة حسبما أشرنا إليه.

هذا مع تصريح عدد من المؤرخين: بأن هذه القضية قد كانت في سنة أربعين: نفس السنة التي قتل فيها علي عليه السلام.. ثم إننا بملاحظة بعد البصرة عن الكوفة من جهة، وبعد مكة عنها من الجهة الأخرى..

إننا بعد ملاحظة كل ذلك سوف نجد من أنفسنا القطع بأن الزمان الذي يفترض أن تجري كل هذه الحوادث فيه.. أو فقل افترضته تلك الرواية لها.. لا يمكن أن يسعها في العادة، ولا يكفي لكل تلك الأحداث، والملابسات..

8 ـ لم يذكر لنا الذين أوردوا قضية السرقة، من تولى البصرة بعد ابن عباس لعلي عليه السلام، أو لمعاوية؛ فهل تركها هملاً، ولم يستخلف عليها أحداً؟!.. وعلي عليه السلام، هل غض النظر عنها، أو نسيها؟!. ثم معاوية، والحسن عليه السلام من بعده؟ فمن الذي تولاها للحسن عليه السلام الذي بقي في الخلافة أكثر من ستة أشهر؟!. فهل بقيت سنة كاملة، أو أقل أو أكثر، من حين ترك ابن عباس لها، وحتى صلح الإمام الحسن عليه السلام مع معاوية ـ هل بقيت ـ كل هذه المدة من دون والٍ ولا مشرف؟!!.. إن ذلك لعجيب حقاً!! وأي عجيب!!.

وأما ما ذكره البلاذري بقوله: «وكثرت غاشية ابن الحضرمي، وأتباعه؛ فهال ذلك زياداً، ورعبه، وراعه ـ وكان عبد الله بن عباس حين شخص إلى مكة مغاضباً لعلي عليه السلام خلفه على البصرة، فلم ينزعه علي، وكان يكاتبه ابن عباس على أنه خليفته، ثم كاتب علياً دون ابن عباس ـ فكاتب زياداً؛ فلما رأى زياد ما صار إليه أمر ابن الحضرمي الخ.. »([16]).

أما هذا.. فلا ينسجم مع ما ذكره الطبري، وابن الأثير، وسبط ابن الجوزي: من أن مفارقة ابن عباس لعلي كانت سنة 40 للهجرة، ومع ما ذكره الطبري، وابن الأثير، وابن كثير، وغيرهم، من أنه كان سنة 39 نائباً عنه في البصرة، وأنه هو الذي ولى زياداً على الأهواز في هذه السنة نفسها، وأنه كان عند فتنة ابن الحضرمي عند علي عليه السلام.. كل ذلك لا ينسجم مع ما ذكره البلاذري؛ لأن فتنة ابن الحضرمي كانت سنة 38 للهجرة..

والصحيح: هو ما ذكره آخرون: من أن ابن عباس كان حين فتنة ابن الحضرمي عند علي عليه السلام بالكوفة. وقد كاتبه زياد في أمر ابن الحضرمي، وطلب منه أن يخبر علياً عليه السلام بأمره؛ فأخبره، ثم كاتبه على نفسه إلى آخر ما ذكروه([17]).

ومن هنا نعرف: أن إصرار طه حسين على كون السرقة قد وقعت قبل فتنة ابن الحضرمي، تبعاً للبلاذري لا يمكن أن يستقيم تاريخياً، فضلاً عن سائر الدلائل والشواهد الدالة على عدم صحة تلك الرواية من أساسها..

كانت تلك هي بعض الملاحظات، التي أحببنا أن نسجلها في هذه العجالة، قبل ذكرنا لبعض الأدلة والشواهد، التي نرى أنها كافية للحكم على هذه الرواية بالوضع والافتعال..

وبعد ذلك.. فإن ما نستند إليه في حكمنا الآنف على هذه الرواية، يتلخص بالأمور التالية:

ما نستند إليه في حكمنا على الرواية:

أولاً: إن أول ما يطالعنا في هذه الرواية هو اعتداء ابن عباس، العالم، والحازم على أبي الأسود، الذي لم يكن له شرف، ولا علم، ولا مكانة ابن عباس ـ يعتدي عليه ـ بلا مبرر ظاهر.. الأمر الذي دفعه للوشاية به إلى علي عليه السلام، وفضحه وكشف أوراقه أمام الرأي العام!! فلماذا لم يحاسنه ويلاطفه، ويتودد إليه، حتى لا يشي به، ويفضحه أمام الناس كلهم؟! ولماذا لا يشي به أبو الأسود إلا بعد أن اعتدى عليه!!.. وبعد..

فلا يمكننا أصلاً أن نصغي إلى طه حسين حيث يقول: إنه إنما شتم أبا الأسود لأنه آنس منه «شيئاً من النكير، فأغلظ له في القول ذات يوم؛ فضاق أبو الأسود بما رأى وما سمع؛ فكتب إلى علي الخ.. »([18]).

فإن ذلك لا يعدو أن يكون تخرصاً، ورجماً بالغيب.. ولعل المنطق السليم يساعد على ضد ذلك تماماً: أي على محاسنة أبي الأسود، والتحمل منه مهما أمكن، أما أن سر شتمه له: أنه آنس منه شيئاً من النكير؛ فلا شاهد له أصلاً.. نعم.. لو أخذنا برواية ابن أعثم، التي هي الوحيدة المتعرضة لذلك كما سيأتي..

فإننا نجدها تقول: أن سبب غضب ابن عباس على أبي الأسود، هو الخلاف الذي نشب بين أبي الأسود وزياد في غيبة ابن عباس إلى الحج، وهجاء أبي الأسود لزياد.

ولكننا في مقابل ذلك نجد: أن عدداً من المؤرخين يقول: إن ابن عباس لم يحج في خلافة علي عليه السلام أصلاً([19]).

ثانياً: وابن عباس.. ألم يكن يخشى بطش علي عليه السلام وسطوته؟!. وإلا يعرف حزمه وصلابته؟!.. فكيف يخاطر بنفسه، ويقدم على ما أقدم عليه؟!. ثم.. كيف يذهب إلى مكة؟ ولم لا يذهب إلى معاوية الذي يستطيع أن يحميه من علي عليه السلام، والذي ما زال يخطب وده، ويحاول أن يكون معه، والى جانبه؟!..

وإذا كان من الممكن: أن يمنعه إباء نفسه من الذهاب إلى معاوية كما يقال.. فلم لا يمنعه هذا الإباء عن ارتكاب جريمة السرقة نفسها، وعن شراء المولدات، والتفوه بالألفاظ النابية والقبيحة؟!..

وهل يمكن أن نصدق أنه يفضل الموت والقصاص من علي عليه السلام على الذهاب إلى معاوية؟!.

وإذا ما قيل: إنه كان عازماً على الفرار إلى معاوية، عند الاضطرار، كما يدل عليه تهديده لعلي عليه السلام.

فهل من الممكن أن نتصوره لا يضطر إلى ذلك؛ وهو يعلم أن علياً عليه السلام هو الذي يطالبه.. علي الذي يقول: إنه سوف يبقر الباطل حتى يخرج الحق من خاصرته.. والذي يكون الذليل عنده عزيزاً حتى يأخذ الحق له، والعزيز عنده ذليلاً حتى يأخذ منه الحق؟!..

وإذا كان يرى أن التجاءه إلى البيت الحرام يمنع علياً عليه السلام من أخذه؛ لتقيد علي بالشرع كما صرح به طه حسين؛ حيث قال: إنه لم يترك عمله: «ليعود إلى الكوفة؟ أو ليقيم في العراق؛ أو في حيث يستطيع الإمام أن يأخذه بتقديم الحساب؛ ويسأله عن عمله قبل أن يعتزله. وإنما ترك المصر ولحق بمكة حيث لا يبلغه سلطان الإمام، وحيث لا يقدر الإمام علي أن يناله بالعقاب، إن تبين استحقاقه للعقاب، وإنما أقام بالحرم آمناً بأس إمامه علي، وخصمه معاوية.. »([20]).

إنه إذا كان من الممكن هذا.. فإنه يعني أن مكة لم تكن داخلة في سلطان علي عليه السلام، ولا في سلطان غيره.. وإلا فهل من الممكن أن يعطل علي عليه السلام أو غيره الحدود في مكة؟! فلا يقطع السارق، ولا يرجم الزاني؛ لأنه في مكة، البلد الحرام؟!!.. وابن عباس ألم يكن سارقاً، ولو في نظر علي عليه السلام على الأقل؟! بل وفي نظر ابن عباس نفسه حسبما يقوله طه حسين([21]) فلم لا يجوز له عليه السلام أخذه، لينال قصاصه، ويأخذ حق الله والمسلمين منه؟!..

وعلي.. لماذا لا يأمر عامله على مكة بالقبض على ابن عباس، وإرساله إليه مصفداً بالحديد؟!

وإذا كانت مكة قد غزاها بسر بن أرطاة، وأصبحت في حوزة معاوية الذي لم يهج ابن عباس؟!

أوليس قد اعادها جارية بن قدامة إلى حوزة علي عليه السلام؟!

فلماذا لم يطلب علي من ابن قدامة ـ ولو سراً ـ: أن يأتيه بابن عباس ليقتص منه؟!.

أو على الأقل أن يقتص منه هو بالنيابة عن علي عليه السلام؟!!.

وأيضاً لمَ لمْ يأمر علي عامله على البصرة بأن يرسل إليه كل من أعان ابن عباس، على سرقة بيت المال، وسهل له سبيل الذهاب به؟!..

وبعد موت علي.. لماذا يثق الحسن بابن عباس. ويتخذه عوناً له وعضداً؟! ولا يطالبه بأموال المسلمين التي سرقها من بيت المال؟!..

أما معاوية ـ الذي يعتبره طه حسين خصماً لابن عباس؛ فلم نجده بعد موت علي عليه السلام حاول أن يهيج خصمه القديم، ويأخذه بهذه الأموال؟! مع قدرته على ذلك؟!..

ثالثاً: أن ابن عباس كان شوكة جارحة في عين معاوية وسائر الأمويين؛ وذلك لما كان يتمتع به من مكانة مرموقة، واحترام وتقدير لدى جميع الفئات، ومختلف الطبقات..

حتى أن معاوية كان يرى: أنه: «رأس الناس بعد علي»([22])..

كما أن الخوارج كانوا يعدلونه بعلي عليه السلام، حتى أنه عندما اقترحه أمير المؤمنين في التحكيم رفضه الذين صاروا فيما بعد خوارج، وغيرهم من المنافقين في جيش علي عليه السلام، وقالوا:

«والله، ما نبالي: أكنت أنت، أو ابن عباس»([23]).

وعلى حسب نص آخر:

«لا والله، هو أنت، وأنت هو»([24]).

وكان معاوية يلعنه في صلاته مع: علي، والحسن، والحسين، والأشتر، وقيس بن سعد.. ([25]).

وأما عن صلابته واستبصاره في أمر علي عليه السلام، فقد بلغ فيه مبلغاً عظيماً، جعل عمرو بن العاص يجيب معاوية عندما طلب منه هذا: أن يكتب إليه يستميله إلى جانبه، ويرققه، ويبعده عن علي عليه السلام في صفين ـ قال عمرو لمعاوية: «لو طمعت فيه، لطمعت في علي»([26]).

وعليه.. وإذا كان معاوية قد حاول استمالة ابن عباس، في وقت كان فيه يضارع علياً عليه السلام في صلابته، وبصيرته في القضية التي يقاتل من أجلها، وفي سبيلها. وكان الطمع فيه يوازي الطمع في علي نفسه.. فلماذا لا ينتهز معاوية الآن هذه الفرصة، ويرسل إليه، بل ويعمل القليل والكثير من أجل أن يجلب رضاه؛ ليكون معه، والى جانبه.. يتقوى به على علي عليه السلام، ويربح هذا السلاح؛ ليشهره في وجه خصمه الذي أعيته فيه الحيل؟!!..

وكيف يطمع فيه في صفين، ولا يطمع فيه الآن.. بعد أن نزغ الشيطان بينهما، وأصبح كل منهما عدواً للآخر، ويتحين الفرص للانقضاض والقضاء عليه؟!.

وحتى بعد موت علي.. لماذا لم يحاول: أن يستغل ذلك في إبعاده عن الحسن والحسين عليهما السلام؟!!.

أم يمكن أن نصدق: أن معاوية المعروف بالدهاء، لم يتفطن لهذا الأمر الواضح، ولم يلتفت إليه؟!!..

وقد يمكن أن يقال في الجواب: أن ابن عباس كان يربأ بنفسه عن أن يصير ذنباً لمعاوية، الذي لم يكن له آنذاك مكانة في نفوس الصفوة من آل محمد صلى الله عليه وآله، ورجال الامة.

ولكن هذا الجواب لا يستقيم؛ إذ إن ذلك لا يمنع معاوية من بذل المحاولة؛ والسعي إلى أن يخدع ابن عباس، ويكتب إليه ليغويه، على أمل أن يميل إليه؛ فإن معاوية كأبي مرة لا ييأس.. ولقد كتب إليه في صفين؛ مع علمه بشدة تعصبه لعلي، ولم ييأس منه آنذاك، فكيف ييأس منه الآن، وهو يرى أن الوضع قد أصبح الآن مختلفاً عنه في صفين؟!.

رابعاً: لقد جرت بين ابن عباس، الذي كان يلعنه معاوية في قنوته، وبين معاوية، ويزيد، وعتبة بن أبي سفيان، وسعيد، وعمرو بن العاص، ومروان وعبد الرحمن بن الحكم، وابن الزبير، وزياد، والمغيرة؛ وغيرهم ـ جرت بينه وبينهم ـ مناظرات واحتجاجات كثيرة، كانوا فيها يحاولون اتهامه وعلياً عليه السلام بشتى التهم الباطلة.

ويحرصون على التنبيه على أية زلة له، أو لغيره من بني هاشم، ويحاولون مواجهته بكل ما يقدرون عليه مما يرون فيه انتقاصاً له، وحطاً من كرامته ومن موجبات إذلاله، وكسر شوكته.

ولم نرهم عيروه ـ ولو مرة واحدة ـ بسرقة أموال البصرة أو بأي شيء يمت إلى خيانته بالأموال بصلة.. مع أن في ذلك مادة خصبة لهم، وشفاء لما في صدورهم. ومع أنه هو قد عرض لهم بذلك، وعيرهم به ـ على ما في العقد الفريد وغيره، حيث أكد لمعاوية أن استعمال علي عليه السلام لولاته لنفسه لا لهواه، أما معاوية فقد استعمل رجالاً لهواه لا لنفسه..

بل إنه عندما قام ابن العاص في الموسم؛ فأطرى معاوية والأمويين، ونال من بني هاشم، ثم ذكر مشاهده بصفين، وذلك بعد موت علي طبعاً؛ لأن ابن عباس لم يحج في ولاية علي عليه السلام كما قلنا..

فقال له ابن عباس: يا عمرو، إنك بعت دينك من معاوية فأعطيته ما في يدك، ومناك ما في يد غيره..

إلى أن قال له:

ولعمري أن من باع دينه بدنيا غيره لحري بأن يطول حزنه على ما باع واشترى.. الخ([27]).

وواضح أن ذلك كان بعد وفاة علي عليه السلام بقليل لأن ابن العاص مات بمصر في سنة 43هـ..

كما أنه قد عير عمرو بن العاص بقوله: «أردت الله، وأردت مصراً»؛ وذلك في كتاب أرسله إليه كله على هذه الوتيرة وبهذا الأسلوب.. ([28]).

فكان المناسب: ولو أن يجيبوه على ذلك بالمثل، لو كان هناك ما يمكنهم الإجابة به، لكن ذلك لم يكن.

ولم لا يثأر منه ابن العاص في الموسم على ما كان قد وصمه به في قضية مصر، وأخذ عمرو لها من معاوية طعمة؟!

أم يعقل أنهم حلموا عنه وصفحوا؟!..

ولم لا يحلمون ويصفحون عند ما كانوا يواجهونه بما هو أنكى وأشد من قواذع القول وقوارعه؟!..

وقد يمكن الاعتذار عن ذلك بأن تركهم تعييره بذلك يمكن أن يكون مخافة أن يعلن ابن عباس على الملأ رأيه في الغنائم، ويقول لهم: هذا حقنا الذي ثبت لنا بنص الكتاب العزيز، المصرح بأن الخمس هو لأهل البيت عليهم السلام.. ومن ثم ينتشر هذا بين الناس، ويفهمون: أن لآل محمد حقاً في الأموال، ويتعدى النقاش من ذلك إلى حقهم في الخلافة.. وهو أمر لا يريد معاوية وأعوانه توجيه أنظار الناس إليه في أي من الظروف والأحوال..

ولكن هذا مما لا يمكن قبوله؛ لأن إجابة ابن عباس على أقواله بالمثل، وتعييره بالسرقة، وتعيير علي عليه السلام بتولية الفساق، السارقين لأموال الله والأمة، أمر مهم جداً لمعاوية، يفوق أهمية قضية الخمس..

وإذا كان معاوية قد استطاع أن يموه على الناس في قتل عمار بن ياسر، الذي جاء النص الصريح بأنه: تقتله الفئة الباغية..

وخيل لهم: أن من جاء به هو الذي قتله؛ فلم لا يستطيع أن يموه على الناس في قضية الخمس، مع أن الأمر فيها أيسر وأسهل، لسبق اختلاف الصحابة في تفسير آية الخمس والفيء، كما في أحكام القرآن؛ وتفسير الطبري كما ستأتي الإشارة إليه، وكان قد صرف النظر عن هذه القضية قبل زمان معاوية بوقت ليس بالقصير.. ([29]).

وبعد هذا.. فقد يعترض أيضاً على ما قلناه بكلام ابن الزبير الآنف الذكر، والذي يعير فيه ابن عباس بسرقة أموال بيت مال البصرة.

ولكنه اعتراض غير وارد؛ إذ رغم ضعف سند تلك الرواية.. نرى أن كثيرين قد أوردوا كلام ابن الزبير، وجواب ابن عباس له، ولم يذكروا هذه الفقرة المزعومة، ولا جوابها.. ([30]).

يضاف إلى ذلك: أن الرواية تتهم الزبير بأنه قد تزوج أسماء متعة، وذلك غير صحيح؛ لأن الزبير قد تزوج أسماء معلناً زواجاً دائماً، زوجه إياها أبوه.. ([31]) وإرادة متعة الحج غير صحيح أيضاً؛ بعد تصريح الرواية نفسها بمتعة النساء..

بل لقد نقل البعض: أنه بعد أن قال ابن عباس لابن الزبير: سل أمك عن بردي عوسجة.. ذهب ابن الزبير إلى أمه وقررها؛ فأقرت بأن الزبير قد تمتعها على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله ببردين؛ فعلقت بعبد الله، وأنه من متعة([32]).

ولكن ذلك بعيد أيضاً؛ لأن آية تشريع المتعة قد نزلت في المدينة، وعبد الله بن الزبير حملت به أمه في مكة، ثم هاجرت وهي متم؛ فوضعته في المدينة([33])؛ فكان ـ على ما قيل ـ أول مولود ولد بعد الهجرة..

وعليه فلا يصح أيضاً: أن يكون الزبير قد تمتع بها قبل الزواج المعلن.. إلا على تقدير أن يكون الزواج المؤقت قد كان معمولاً به قبل الإسلام فجاء الإسلام وأمضاه، من حيث إنه من بقايا الشرائع السابقة، ولم تنسخ..

كما أن من الممكن أن تكون المتعة قد شرعت في مكة على لسان النبي صلى الله عليه وآله أولاً، ثم نزل النص القرآني في المدينة بعد ذلك.

نعم.. قد ذكر الواقدي: أن ابن الزبير قد ولد في شوال في السنة الثانية للهجرة؛ ([34]) وعلى هذا فيحتمل أن يكون الزبير قد تمتع بأسماء قبل ذلك، فيما لو فرض أن المتعة قد شرعت في مطلع الهجرة..

ويبقى أن نشير إلى احتمال آخر.. وهو أن الزبير ـ على ما يقولون ـ قد طلق أسماء بضغط من ولده عبد الله، الذي قال له: «مثلي لا توطأ أمه»([35]) فلعله بعد طلاقه لها كان يتمتعها، وكان ثوبا عرفجة من جملة ما تمتعها به..

هذا كله.. على فرض صحة الرواية المصرحة بتمتع الزبير لأسماء، وقد رأينا: أن الناقلين لهذه الرواية كثيرون، سيما لقوله: سل أمك عن ثوبي عرفجة؛ ولذا فليس من السهل تجاهلها، وعدم الاعتناء بها، بل لابد من التوجه إلى الاحتمالات المذكورة آنفاً، والأخذ بأقربها، وعدم الحكم على الرواية بالوضع من أساسها، ولكل فقراتها..

ويبقى أن نشير هنا.. إلى رواية أخرى تقول: عن شعبة بن مسلم قال:

«دخلت على أسماء بنت أبي بكر؛ فسألناها عن المتعة فقالت: فعلناها على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله»([36]).

وورد أن ابن عباس قال لابن الزبير:

«سل أمك تخبرك؛ فإن أول متعة سطع مجمرها، لمجمر سطع بين أمك وأبيك.. »([37]).

ولعل المراد هنا متعة الحج، ولعل ما تقدم يمكن حمله على هذا، وذلك بقرينة ما رواه أحمد بن حنبل قال:

«.. قال عبد الله بن الزبير: أفردوا بالحج، ودعوا قول هذا. يعني: ابن عباس.

فقال ابن عباس: ألا تسأل أمك عن هذا؟!

فأرسل إليها، فقالت: صدق ابن عباس، خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله حجاجاً؛ فأمرنا فجعلناها عمرة؛ فحل لنا الحلال، حتى سطعت المجامر بين النساء والرجال.. »([38]).

وأما الكلام المنسوب إلى قيس بن سعد، والمنقول عن مقاتل الطالبيين فيما تقدم..

فيكفي أن نشير بالنسبة إليه إلى ما ذكره بعض المحققين([39]) من أنه كلام مفتعل، قد دس في بعض نسخ مقاتل الطالبيين دون بعض؛ وذلك لأن ابن أبي الحديد قد نقل كلام أبي الفرج بعينه، ولم يذكر كلام قيس هذا، وإنما قال عن قيس: «ثم خطبهم، فثبتهم، وذكر عبيد الله، فنال منه.

ثم أمرهم بالصبر والنهوض إلى العدو؛ فأجابوه.. ».

ونقل ابن أبي الحديد مقدم؛ سيما ونحن نراه ينقل عن أبي الفرج بين قوله: «فاخرجوا رحمكم الله إلى معسكركم بالنخيلة».

وقوله: «ثم إن الحسن سار في عسكر عظيم» ينقل كلاماً كثيراً ليس في نسخ المقاتل المطبوعة منه عين ولا أثر..

وابن أبي الحديد قد سمع المقاتل إملاءً عن شيوخه؛ فنقله أثبت؛ إذ يحتمل قوياً: أن تكون هوامش قد زادها النساخ في الأصل اشتباهاً..

هذا كله.. فضلاً عن تلك الدلائل والشواهد المتقدمة والآتية، التي تدل على افتعال هذه القصة واختلاقها من أساسها..

خامساً: إننا لم نجد لابن عباس ما يدل على أنه كان يمتلك ثروة كبيرة، ولا ترك ما يثبت ذلك: كملكه لدور، أو ضياع، أو موالي، أو هبات لشعراء، أو فقراء، أو صلات لذوي رحم، أو غير ذلك.. بل لم نجد ما يدل على امتلاكه لجزء من مائة جزء مما يقال: إنه اختلسه من بيت مال البصرة!!.

فأين ذهب ذلك المال الذي عبأه ابن عباس في الغرائر؟!.

وماذا جرى للستة ملايين تلك؟!!.

وهل ثلاث مولدات بثلاثة آلاف دينار، تكفي للقضاء على تلك الثروة الهائلة؟! سيما في تلك الفترة التي كان للمال فيها قيمة كبيرة، والقليل منه يكفي في الشيء الكثير!!.

وأين كان الشعراء عنه، حينما علموا بحيازته لستة ملايين؟! وكذلك أين كان الفقراء حينئذٍ!!.

ولقد تنبه بعض الذين ساهموا في افتعال هذه الرواية لهذه النقطة، فأورد بعضهم عبارة تشير إلى هذا، في محاولة للإجابة على هذه الأسئلة؛ حيث جاء في رواية البلاذري فقط قوله:

«.. وكان ابن عباس يعطي في طريقه من سأله، ومن لم يسأله من الضعفاء حتى قدم مكة»!!.

لكن ذلك لم يكن لينطلي على أحد؛ بعد أن كانت الستة ملايين لا تزال تكفي في تلك الفترة للقيام بنفقات دولة بأسرها، ولا يؤثر فيها عطاءاته للضعفاء في الطريق، من سأله منهم، ومن لم يسأله!!!..

سادساً: لقد أنكر عمرو بن عبيد، المعروف بانحرافه عن علي عليه السلام، على سليمان بن علي، بن عبد الله بن العباس: أن يكون ذلك قد صدر من عبد الله بن العباس، واحتج لذلك في جملة ما احتج بقوله:

«وأي مال يجتمع في بيت مال البصرة، مع حاجة علي إلى الأموال، وهو يفرغ بيت مال الكوفة في كل خميس، ويرشه، وقالوا: إنه كان يقيل فيه؛ فكيف يترك المال يجتمع بالبصرة؟! »([40]).

سيما إذا كان مبلغ هذا المال ستة ملايين، التي تحتاج لاجتماعها إلى مدة طويلة، لا يصبر عليها علي عليه السلام.. الذي كان لا يزال يعمل، ويتجهز من أجل العودة إلى صفين لمحاربة معاوية..

سابعاً: إن ما بأيدينا من النصوص التاريخية يدل على أن ابن عباس لم يزل على البصرة حتى قتل علي عليه السلام.. وقد ذهب إلى ذلك عدد من المؤرخين.

وقد اعترف نفس أولئك الموردين لقضية السرقة بوجود المنكرين لها.. حتى لقد احتمل الراوندي: أن يكون السارق هو عبيد الله بن العباس لا عبد الله.. ورده ابن أبي الحديد: بأن عبيد الله كان والياً على اليمن، لا على البصرة([41]).

وعلى كلٍ.. فقد قالوا:

«.. وقد أنكر ذلك بعضهم، وقال: لم يزل عاملاً عليها لعلي، حتى قتل علي، وشهد صلح الحسن مع معاوية، ثم خرج إلى مكة. والأول أصح، وإنما كان الذي شهد صلح الحسن عبيد الله بن عباس.. »([42]).

وقال آخرون ما هو قريب من ذلك، وأنه بعد صلح الحسن مع معاوية، خرج ابن عباس إلى مكة([43]).

ونقل الطبري عن أبي عبيدة، أنه قال:

«إن ابن عباس لم يبرح من البصرة حتى قتل علي عليه السلام؛ فشخص إلى الحسن؛ فشهد الصلح بينه وبين معاوية، ثم رجع إلى البصرة، وثقله بها؛ فحمله، ومالاً من بيت المال قليلاً، وقال: هي أرزاقي.

قال أبو زيد: وقد ذكرت ذلك لأبي الحسن؛ فأنكره، وزعم: أن علياً قتل وابن عباس بمكة، وأن الذي شهد الصلح بين الحسن ومعاوية عبيد الله بن عباس.. »([44]).

هذا.. ولكن إنكار هؤلاء لشهود ابن عباس للصلح، وإصرارهم على أن الذي شهده هو أخوه عبيد الله لا يعني أنه قد سرق الأموال وفر إلى مكة، مضافاً إلى أننا لا نرى مانعاً من شهوده للصلح، وأنه قد قدم من البصرة خصيصاً من أجل ذلك، ثم عاد إليها وثقله بها؛ فحمله، وعاد إلى مكة، سيما بملاحظة ما سيأتي مما يدل على أنه كان والياً على البصرة من قبل الحسن عليه السلام أيضاً..

وعلى كل حال.. فلنعد الآن إلى متابعة أقوال القائلين بأنه لم يفارق علياً عليه السلام، وأنه مازال والياً على البصرة إلى أن قتل علي عليه السلام، فنقول:

قال ابن أبي الحديد:

«.. وقال آخرون، وهم الأقلون: هذا لم يكن، ولا فارق عبد الله بن عباس علياً عليه السلام، ولا باينه ولا خالفه، ولم يزل أميراً على البصرة إلى أن قتل علي عليه السلام.. »([45]).

ثم استدل على ذلك ببعض ما أشرنا إليه، ثم قال: «وهذا عندي هو الأمثل والأصوب» وإن كان قد أظهر التردد أخيراً..

أما اليعقوبي، فيرى: أن ابن عباس قد أخذ من بيت مال البصرة عشرة آلاف درهم؛ فكتب أبو الأسود إلى علي بذلك؛ فكتب إليه يأمره بردها؛ فامتنع؛ فكتب يقسم له لتردنها، فلما ردها، أو رد أكثرها كتب إليه علي: أما بعد: فإن المرء ليسره درك ما لم يكن ليفوته.. الخ([46]).

وعن أبي أراكة: أن ابن عباس قد ندم، واعتذر إلى علي عليه السلام؛ وقبل أمير المؤمنين عذره.. ([47]).

وقال السدي: «كان الشيطان قد نزع بين ابن عباس، و بين علي مدة، ثم عاد إلى موالاته.. »([48]).

وسيأتي كلام ابن أعثم في ذلك..

وقال عمرو بن عبيد لسليمان بن علي: «ابن عباس لم يفارق علياً حتى قتل، وشهد صلح الحسن.. »([49]).

وقال ابن كثير: «.. وتأمر على البصرة من جهة علي. وكان إذا خرج منها يستخلف أبا الأسود الدؤلي على الصلاة، وزياد بن أبي سفيان على الخراج، وكان أهل البصرة مغبوطين به: يفقههم، ويعلم جاهلهم، ويعظ مجرمهم، ويعطي فقيرهم، فلم يزل عليها حتى مات علي.

ويقال: أن علياً عزله عنها قبل موته.. »([50]).

وقال ابن حجر: «.. فلم يزل ابن عباس على البصرة حتى قتل علي؛ فاستخلف على البصرة عبد الله بن الحارث، ومضى إلى الحجاز.. »([51]).

كانت تلك طائفة من الأقوال، التي تؤيد بقاء ابن عباس والياً على البصرة إلى ما بعد مقتل علي عليه السلام..

ثامناً: وبعد.. فإن لدينا عدا الأقوال الآنفة عدة أدلة تثبت: أن ابن عباس استمر على البصرة إلى ما بعد مقتل علي عليه السلام. بل إلى ما بعد صلح الإمام الحسن عليه السلام مع معاوية..

ونحن نشير إلى هذه الأمور المثبتة لذلك على النحو التالي:

1 ـ إن مما يدل على أن ابن عباس كان في الكوفة حين مقتل علي عليه السلام، ما رواه المفيد: من أن علياً عليه السلام «كان في رمضان الذي قتل فيه، يفطر يوماً عند الحسن، ويوماً عند الحسين، وثالث عند عبد الله بن العباس، لا يزيد على ثلاث لقم.. »([52]).

2 ـ ما ورد من أنه: «خطب الحسن صبيحة الليلة التي قبض فيها أمير المؤمنين عليه السلام فقال:

«لقد قبض.. ـ إلى أن قال: ـ فقام عبد الله بن العباس بين يديه فقال: معاشر الناس، هذا ابن نبيكم، ووصي إمامكم؛ فبايعوه.. ([53]).

وذلك في يوم الواحد والعشرين من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة؛ فرتب العمال، وأمر الأمرة، وأرسل عبد الله بن العباس إلى البصرة، ونظر في الأمور.. »([54]).

3 ـ أما ابن أبي الحديد فيقول: «قال المدائني: ولما توفي علي عليه السلام، خرج عبد الله بن العباس بن عبد المطلب إلى الناس؛ فقال: إن أمير المؤمنين عليه السلام قد توفي، وقد ترك خلفاً؛ فإن أحببتم خرج إليكم، وإن كرهتم فلا أحد على أحد؛ فبكى الناس، وقالوا: بل يخرج إلينا، فخرج الحسن عليه السلام، فخطبهم.. إلى أن قال: فبايعه الناس.. »([55]).

4 ـ أما ولاؤه للحسن فيدل عليه: رسالته التي أرسلها إليه ـ بعد بيعة الناس بشهرين من البصرة([56])، لا من مكة كما يقوله طه حسين؛ لاسيما بعدما عرفت، وما سيأتي من توليه البصرة له عليه السلام ـ فهو يقول في تلك الرسالة، يحثه على ضبط الأمور، والنهوض لجهاد معاوية:

«إن المسلمين ولّوك أمرهم بعد علي؛ فشمر للحرب، وجاهد عدوك، ودار أصحابك، واشتر من الضنين دينه بما لا يثلم دينك. وول أهل البيوتات والشرف تستصلح بهم عشائرهم، حتى تكون الجماعة، فإن بعض ما يكره الناس ما لم يتعد الحق، وكانت عواقبه تؤدي إلى ظهور العدل وعز الدين، خير من كثير مما يحبون؛ إذا كانت عواقبه تدعو إلى ظهور الجور، ووهن الدين»([57]) إلى آخر الرسالة، التي يؤيد فيها حق علي عليه السلام وأهل بيته، ويجرح فيها كل أعدائه عليه السلام ومناوئيه..

5 ـ وبعد ذلك يطالعنا موقف معاوية من ابن عباس عند صلح الحسن عليه السلام؛ حيث كتب معاوية إلى ابن عباس يدعوه إلى بيعته ويقول:

«.. ولعمري، لو قتلتك بعثمان رجوت أن يكون ذلك لله رضا، وأن يكون رأياً صواباً؛ فانك من الساعين عليه، والخاذلين له، والسافكين دمه، وما جرى بيني وبينك صلح فيمنعك مني: ولا بيدك أمان..

فكتب إليه ابن عباس جواباً طويلاً، وكان مما قاله فيه ـ بعد ذكره أن القاتل الحقيقي لعثمان هو معاوية نفسه ـ: ثم علمت عند ذلك:

«أن الناس لن يعدلوا بيننا وبينك؛ فطفقت تنعى عثمان وتلزمنا دمه، وتقول: قتل مظلوماً؛ فإن يك قتل مظلوماً فأنت أظلم الظالمين. ثم لم تزل مصوباً، ومصعداً، وجاثماً، ورابضاً تستغوي الجهال، وتنازعنا حقنا بالسفهاء، حتى أدركت ما طلبت.. »([58]).

وتهديد معاوية لابن عباس عند صلح الحسن عليه السلام، إن دل على شيء، فإنما يدل على مدى خوف معاوية منه، ورهبته إياه، ومعرفته بحقيقة موقفه منه، ومن خلافته، وجده واجتهاده في مناصرة علي وولده الحسن عليهما السلام.. ولا نستبعد أن تكون هذه الرسالة قد أرسلها معاوية إليه إلى البصرة، حيث تكمن قدرة ابن عباس وقوته، التي يشير إليها زياد في كلامه الآتي؛ ولأن ابن عباس كان والياً على البصرة حينئذٍ..

6 ـ قال ابن أبي الحديد نقلاً عن المدائني: «.. ثم وجه ـ أي الحسن عليه السلام ـ عبد الله بن عباس، ومعه قيس بن سعد بن عبادة مقدمه له في اثني عشر ألفاً إلى الشام، وخرج وهو يريد المدائن؛ فطعن بساباط، وانتهب متاعه، ودخل المدائن، وبلغ ذلك معاوية؛ فأشاعه، وجعل أصحاب الحسن الذين وجههم مع عبد الله يتسللون إلى معاوية، الوجوه وأهل البيوتات؛ فكتب عبد الله بن العباس بذلك إلى الحسن عليه السلام؛ فخطب الناس، ووبخهم وقال: خالفتم أبي حتى حكم وهو كاره الخ.. »([59]). ثم يذكر قضية الصلح..

وهذا الذي ذكره المدائني لا يمكن أن ينطبق على ما جرى من عبيد الله بن العباس من الخيانة، بل هو شاهد قوي لما ذكره أولئك الذين قالوا: إن عبد الله نفسه قد شهد صلح الإمام الحسن مع معاوية، ثم عاد إلى البصرة، وثقله بها، فحمله، وتوجه إلى مكة.. والذي يظهر هو أنه قد جاء من البصرة، وجعله الحسن على مقدمته، لكن جيشه هو الذي خان به؛ فكتب بذلك إلى إمامه؛ فكان ذلك من مشجعات قبوله عليه السلام للصلح، أما خيانة عبيد الله فلعلها كانت قبل ذلك أو بعده.

7 ـ ويدل على تولي ابن عباس للبصرة من قبل الحسن عليه السلام، ما ورد من: أن معاوية قد دس رجلاً: «من بني حمير إلى الكوفة، ورجلاً من بني القين إلى البصرة، يكتبان إليه بالأخبار، فدل على الحميري عند لحام جرير، ودل على القيني بالبصرة في بني سليم؛ فأخذا، وقتلا..

إلى أن قال:

وكتب عبد الله بن العباس من البصرة إلى معاوية: أما بعد: فانك ودسك أخا بني قين إلى البصرة، تلتمس من غفلات قريش، مثل الذي ظفرت به من يمانيتك لكما قال أمية بن الأسكر:

لعمرك إني والخزاعي طارقـاً   كنعجة عـاد حتفها تتحفر

أثارت عليها شفرة بكراعــها   فظلت بها من آخر الليل تنحر

شمت بقوم من صديقك أهلكوا   أصابها يوم من الدهر أصفر

فأجابه معاوية:

أما بعد: فإن الحسن بن علي قد كتب إلي بنحو ما كتبت به، وأنبأني الخ.. ([60]).

8 ـ وأخيراً.. فإن مما يدل على أن ابن عباس قد بقي على البصرة إلى ما بعد مقتل علي عليه السلام، ثم وليها من بعده للإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه، ما ورد: من أنه لما قتل علي عليه السلام، بقي زياد على عمله، وخاف معاوية جانبه، وعلم صعوبة ناحيته، وأشفق من ممالاته الحسن بن علي عليهما السلام؛ فكتب إلى زياد يتهدده؛ فغضب زياد وقام خطيباً؛ فكان مما قال:

«كيف أرهبه وبيني وبينه ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله، وابن ابن([61]) عمه في مئة ألف من المهاجرين والأنصار. والله، لو أذن لي فيه، أو ندبني إليه لأريته الكواكب نهاراً.. »([62]) هذا على ما ذكره ابن أبي الحديد في ذلك..

وعبارة غيره: أن زياداً قال:

«العجب من ابن آكلة الأكباد وكهف النفاق، ورئيس الأحزاب، يتهددني؛ وبيني وبينه ابنا عم رسول الله صلى الله عليه وآله ـ يعني ابن عباس، والحسن بن علي ـ في سبعين ألفاً، واضعي سيوفهم على عواتقهم الخ.. »([63]).

ولكنه لما استلحق زياداً بعد ذلك، مال زياد إليه([64]).

لكن ابن الأثير ـ لم يقبل تفسير الطبري لقول زياد على ذلك النحو، وأنكر أن يكون قد عنى ابن عباس؛ وذلك استناداً إلى رواية السرقة المتقدمة([65]).

ولكن عدم قبول ابن الأثير لذلك لا قيمة له؛ بعد أن كانت سائر الأدلة والشواهد تثبت كذب تلك الرواية، وتؤكد على أن ابن عباس لم يفارق علياً عليه السلام، وأنه بقي على البصرة من قبل الحسن. وقول زياد هذا، وذلك الذي نقلناه عن ابن أبي الحديد هو من تلك الدلائل والشواهد.. التي تؤكد كذب تلك الرواية وافتعالها، سيما بعد تلك الأدلة الكثيرة، التي قدمنا جانباً منها..

المبررات لا تجدي:

وبعد.. وإذ قد ثبت بعد هذه الجولة كذب تلك الرواية المتقدمة، ـ رواية السرقة ـ وافتعالها، بما لا مجال معه لأي شك أو توهم..

فلا تبقى ثمة حاجة إلى تبريرات طه حسين للسرقة بأن: «ابن عباس عندما رأى نجم ابن عمه في أفول، ونجم معاوية في صعود، لم يشهد النهروان مع علي عليه السلام، وإنما أقام بالبصرة، واكتفى بأن سرح الجند إليه، و: «أقام في البصرة يفكر في نفسه أكثر مما يفكر في ابن عمه، وفي هذه الخطوب، التي كانت تزدحم عليه، وكأنه آثر نفسه بشيء من الخير، وسار في بيت المال سيرة تخالف المألوف من أمر علي، ومن أمره هو، حين كانت الأيام مقبلة على ابن عمه وعليه.. »([66]).

لا حاجة إلى ذلك، لأنه لا يعدو أن يكون مجرد توجيه اتهام، لا يستند إلى شيء إلا إلى تلك الرواية التي لم يعد ثمة شك في فسادها، وعدم صحتها.. مضيفاً إلى ذلك دعوى تكذبها كل الشواهد التاريخية، وهي أن ابن عباس لم يكن مع علي عليه السلام في النهروان.. مع أن ابن عباس قد حاج أهل النهروان، بإشارة من علي عليه السلام نفسه، ورجع منهم ـ على ما قيل ـ ألفان عن غيهم وضلالهم..

مع أنه ـ لو فرض جدلاً: أنه لم يحضر النهروان، فإن ذلك لا يثبت ما يدعيه طه حسين أصلاً، وذلك لأنه قد تقدم أنه كان عند علي بعد ذلك، وفي سنة 39 بالذات، بل وفي سنة أربعين، سنة استشهاده عليه السلام حسبما عرفت، إلى آخر ما تقدم مما لا نرى حاجة إلى إعادته..

الرأي الأمثل:

وبعد كل ما قدمناه.. فإن مما يجدر الإشارة إليه هنا: أنه لو فرض أن لهذه القضية أساس من الصحة، فإن ما يمكن أن يكون قد حصل هو: أما ما ذكره اليعقوبي، أو ما ذكره ابن اعثم الكوفي في كتابه: الفتوح، على ما نقل عنه:

وهو أنه لما ذهب عبد الله بن عباس إلى الحج، واستخلف زياداً على الخراج، وأبا الأسود على الصلاة، وقع بينهما بعد خروجه تنافر، فهجاه أبو الأسود؛ فلما رجع ابن عباس شكاه زياد، وقرأ عليه أهاجيه فيه، فغضب ابن عباس، وأرسل إلى أبي الأسود، فدعاه وقال له: «أما والله لو كنت من البهائم لكنت حملاً، ولو كنت للجمل راعياً لما بلغت المراعي.. الخ»، قال: فخرج أبو الأسود من عند ابن عباس مغضباً، فكتب إلى أمير المؤمنين عليه السلام يخبره: أن ابن عمه أكل مال الله بغير حق..

فكتب عليه السلام إلى ابن عباس:

«بلغني عنك أمور الله أعلم بها، فإن تكن حقاً فلست أرضاها لك، وإن تكن باطلاً فإثمها على من اقترفها، فإذا ورد عليك كتابي هذا فأعلمني في جوابه ما أخذت من مال البصرة، من أين أخذته، وفيم وضعته».

فأجابه ابن عباس:

«قد علمت الذي بلغك عني، وإن الذي بلغك عني الباطل، وإني لما تحت يدي لضابط وحافظ، فلا تصدق أقوال الوشاة ما لم يكن. وأما تعظيمك مرزأة ما رزأته من هذه البلدة فوالله لئن ألقى الله عز وجل بما في الأرض [من] لجينها وعقيانها، وعلى ظهرها من طلاعها أحب ألي من أن ألقاه، وقد أرقت دماء الأمة، فابعث إلى عمالك من أحببت، فإني معتزلعنه والسلام».

واعتزل في بيته، فكتب علي عليه السلام إليه:

«لا تكن واجداً مما كتبت إليك، فإن ذلك كان من اعتمادي عليك، وتبين لي: أن ما كتبوا إلي فيك باطل؛ فارجع إلى عملك».

فلما وصل الكتاب إلى ابن عباس، سر واشتغل بعمله.. ([67]).

وعبارة ابن أعثم: «فكتب إليه علي (عليه السلام) بكتاب يعذله فيه على غضبه، ويكذب من سعى به إليه، وأعاده إلى عمله».

وهذا.. وإن كان يبدو أنه هو المعقول والمقبول، وأن القصاصين، وذوي الأغراض والأهواء ـ كما عودونا ـ قد زادوا فيه، وحرفوه بما يخدم أغراضهم ومصالحهم..

لكنه لا يخلو أيضاً من بعض الإشكال، سيما بملاحظة ما تقدم من إنكار بعض المؤرخين: أن يكون ابن عباس قد حج في زمان علي عليه السلام أصلا.. إلا أن الظاهر أنه يمكن أن يكون ثمة اشتباه من الراوي، وأن الصحيح هو: أن ابن عباس كان عند علي عليه السلام في الكوفة حين اختلاف زياد وأبي الأسود، لا في الحج، ويظهر قرب هذا الاحتمال مما قدمناه في مطاوي هذا البحث..

وثمة إشكالات أخرى في رواية ابن أعثم تعلم مما تقدم.

ونخلص بعد ذلك إلى هذه النتيجة، وهي: أن الكتب المتبادلة بين علي عليه السلام والرجل الآخر؛ إن لم تكن موضوعة؛ فلابد وأن تكون قد تبودلت بين علي عليه السلام، ورجل آخر غير ابن عباس، ممن كان يثق به علي عليه السلام؛ لكنها حرفت على ابن عباس لحاجة في أنفس المحرفين.. لا تخفى..

إلا أن يقال: إن ذلك بعيد إذا لوحظ أسلوب الرواية ومتانتها وشبهها بكلام الإمام عليه السلام..

ومع ذلك.. فليس نهج البلاغة قطعي الصدور بكل ما فيه: كلمة كلمة، وحرفاً حرفاً، ولذلك تجد فيه مدحاً لعمر حين موته، ليس للإمام وإنما هو لبنت أبي حثمة.

وعلى كل حال.. فليس في الرسالة صراحة في أنها إلى ابن عباس بالخصوص، وإنما هو اجتهاد من الشرَّاح استناداً إلى الرواية المعروفة، التي اتضح كذبها وزيفها..

نعم.. قوله: «فلما رأيت الزمان على ابن عمك الخ.. » وقوله مثل ذلك بعد ذلك يدل على قرابة نسبية بين الإمام وبين المرسل إليه ولا ينحصر أقرباء الإمام الولاة على البلاد، بعبد الله ابن عباس.. بل هناك أخوه عبيد الله الذي كان والياً على اليمن.. وهناك غيره.

لماذا الكذب والإفتعال إذن؟

تاريخ افتعال تلك الرواية:

وأما تلك الأسطورة الطويلة العريضة، فلا يمكن أن تصح بأي وجه من الوجوه، وكل الدلائل والشواهد متضافرة على أنها مختلقة؛ ومفتعلة.. أما عن تاريخ وضعها وافتعالها..

فلا نكاد نشك في أنه قد حصل في أيام الأمويين، وعلى الخصوص في أيام المروانيين، منهم.. ويدلنا على أنها وضعت في أيام الأمويين السؤال والجواب المتقدم المتبادل بين سليمان بن علي، وعمرو بن عبيد المتوفى في مطلع الدولة العباسية سنة 142 أو 143 هـ. عن هذه القضية..

كما أن المأمون نفسه قد أشار إليها في رسالته التي أرسلها للعباسيين من مرو إلى بغداد.. ([68]).

هذا بالإضافة إلى أننا لا نجد لهذه القضية ذكرا من معاوية، أو من يزيد، أو من غيره من السفيانيين.. ولا نجد مبررا لوضع العباسيين لمثل هذه الأسطورة، سيما بالنسبة لجدهم عبد الله بن العباس، الذي ما زالوا يعتزون ويفتخرون به.. ونجد الكثير من المبررات الدالة على أن من مصلحتهم وضع ما يناقضها وينافيها..

سر اختلاق هذه الأسطورة عند البعض:

وأما عن سر اختلاق هذه الرواية وافتعالها، فيرى بعض المحققين([69]) رأياً في ذلك لا نوافقه عليه:

وملخص رأيه: أنه قد جاء في العقد الفريد: أن عبد الله بن العباس كان من أحب الناس إلى عمر. وكان يقدمه على الأكابر من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله، ولم يستعمله قط. فقال له يوماً:

«كدت استعملك، ولكن أخشى: أن تستحل الفيء على التأويل؛ فلما صار الأمر إلى علي، استعمله على البصرة؛ فاستحل الفيء على تأويل قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} واستحله من قرابته من رسول الله صلى الله عليه وآله.. »([70]) ثم ساق في العقد قضية سرقته الأموال على النحو المتقدم..

فأراد واضعوا هذه الرواية ـ بنظر ذلك البعض ـ: أن يجدوا عذراً لعمر في عدم توليته أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله، سيما مثل ابن عباس الذي كان مقرباً إليه كل التقريب، رغم أنه كان يولي غيرهم: ممن عرفوا بالانحراف، وعدم الاستقامة, والبغض لهم: كالمغيرة بن شعبة, ومعاوية، وعمرو بن العاص، وغيرهم([71]).

فإذا وضعوا هذه الرواية؛ فإن نبوءة الخليفة الثاني تتحقق، وتصح فراسته. ويثبت من الجهة الأخرى، أن الخمس ليس حقا لأهل البيت عليهم السلام، وقد استحل ابن عباس الفيء..

ويلاحظ: أن ابن عبد ربه قد ذكر رواية السرقة بعد ذكره للعبارة المتقدمة مباشرة؛ ليثبت الدعوى بالدليل ـ وإن كان فاسداً ـ كعادته في دس السم في الدسم.

ويلاحظ ذلك منه في موارد أخرى سيما في ذلك الذي يرتبط بالأئمة الطاهرين عليهم السلام.. حيث يذكر قضية مفتعلة قبل أو بعد قضية لا مجال لإنكارها والتشكيك فيها.. يفعل ذلك ليذهب بكل أثر لتلك لا يريده هو أن يكون، كما يلاحظ ذلك في قضية أخرى ترتبط بالإمام الرضا عليه السلام والمأمون لا مجال لذكرها هنا, وقد ناقشناها في موضع آخر لا يرتبط بموضوعنا هذا الذي نحن بصدده..

ولكننا كما قلنا: لا نوافق على أن ما ذكره هذا المحقق هو السر الكامن وراء افتعال تلك الرواية ـ رواية السرقة ـ وإن كان قولاً ربما تكون له مبرراته..

مبررات الوضع الحقيقية:

ونعتقد أن سر ذلك يرجع إلى:

أولاً: لقد كان ابن عباس شوكة جارحة في أعين الأمويين ومن لف لفهم.. والزبيريين، وكل من يتعاطف معهم. سيما وهم يرونه يتمتع بمكانة خاصة عند علي عليه السلام، وفي المجتمع الإسلامي بشكل عام..

وكانت مناظراته القوية، واحتجاجاته الدامغة، على معاوية، ومن لف لفه، ممن تقدم ذكرهم وغيرهم. قد شاعت وذاعت وتناقلتها الألسن في مختلف أرجاء الدولة الإسلامية..

وهي احتجاجات قوية يفتضح فيها الأمويين والزبيريين، ويبين كل نقاط الضعف فيهم. ويؤكد على حق العلويين، وأهل البيت عليهم السلام، ويظهر الكثير من امتيازاتهم، وخصائصهم.

فأرادوا ضرب هذه الشخصية الفذة، وزعزعة مكانتها في نفوس الناس، ومن ثم.. لتفقد كل مواقفه تلك حيويتها، ولا تبقى لها تلك القيمة، وذلك الاعتبار..

ثانياً: إن سيرة الأمويين (وغيرهم كالزبيريين) في أموال الأمة كانت من الوضوح بحيث لا يجهلها أحد.. كذلك لم يكن أحد يجهل سيرة علي عليه السلام بالنسبة إلى الأموال، وكذلك سيرة الحسن عليه السلام من بعده، وغيره من أئمة أهل البيت عليهم السلام..

وإذا كان الفرق بينهما يتلخص: في استئثار الأمويين لأنفسهم، وإيثار الهاشميين على أنفسهم..

فإن من الطبيعي: أن لا يجد الناس المظلومون، والمقهورون، والمستغَلون.. إلا أهل البيت ملجأ وملاذا لأنهم عرفوا عملا: أنهم وحدهم الذين لا يحكمون فيهم إلا بحكم الله، ورسوله..

فوضع الأمويون هذه الأكذوبة المفضوحة؛ ليظهروا للناس: أنهم غير منفردين في أكل مال الله، والاستئثار بأموال المسلمين.. وأن من يتوجه الناس إليهم لإنصافهم، ويعلقون الآمال عليهم، وعلى حكمهم، ليسوا بأفضل من غيرهم، من حكام الأمويين وولاتهم.. إن لم يكونوا أكثر منهم سوء.. سيما إذا رأوا أن أخص الناس عند علي عليه السلام، ورأس الناس من بعده ـ على حد تعبير معاوية ـ يأكل ستة ملايين دفعة واحدة؛ فيكف بما يأكله سائر العمال، أو أكلوه، مما لم يتيسر له مثل أبي الأسود الغاضب ليفضحه، ويزيح الستار عنه..

وإذن.. فتكون النتيجة هي:

أن علياً عليه السلام، وسائر العلويين هم: كسائر حكام بني أمية، وعمالهم، إن لم يكن أولئك يزيدون على هؤلاء، ويتفوقون عليهم.

وقد اختاروا لهذه الأكذوبة عبد الله بن العباس ـ الرجل الذي وصفه معاوية وغيره بما عرفت ـ عندما لم يكن لهم إلى الخدشة في علي عليه السلام، وسيرته سبيل؛ كيف وهي كالنار على المنار, وكالشمس في رابعة النهار.

ولو أنهم حاولوا ذلك؛ فإن الناس سوف لا يصدقونهم، بل أنهم سوف يسخرون منهم، ويهزؤون.. وتكون النتيجة من ثم غير الذي يتمنون، وعلى خلاف ما يريدون..

الحق يعلو ولا يعلى عليه:

ولكن افتعال هذه القضية لم يستطع أن يحقق الهدف الذي كانوا يرمون إليه؛ ذلك لأن مواقف ابن عباس لم تفقد قيمتها، ولا حيويتها. كما أن أهل البيت عليهم السلام، وعلى رأسهم علي عليه السلام، قد بقوا المثل الأعلى، والقدوة النبيلة، والأمل الحي لهذه الأمة على مر العصور..

أما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض..

29 جمادى الأولى 1396هـ ق، الموافق: 29 أيار 1976م.

نزيل قم المشرفة

جعفر مرتضى الحسيني العاملي

شكر وتقدير:

وبعد.. فإنني أتقدم بجزيل شكري، وعميق تقديري لصاحبي السماحة: العلامة المحقق السيد مهدي الروحاني، والعلامة المحقق الشيخ علي الأحمدي، اللذين كان لتشجيعهما، ولآرائهما الصائبة، وتوجيهاتهما السديدة أثر كبير على هذا البحث، ودور هام في تكامله..

أسأل الله تعالى: أن يؤيدهما، ويسدد في سبيل الحق والخير خطاهما، ويجزيهما أحسن جزاء العلماء العاملين.

جعفر مرتضى الحسيني العاملي

المحتويات

 

تقديم:   5

ابن عباس في سطور: 9

ابن عباس وأموال البصرة..

البداية:         15

النص التاريخي للرواية:        16

قيس بن الغاضب:      21

وابن الزبير أيضاً:      21

الرواية.. بين الواقع والخيال

وأما حكمنا على هذه الرواية:   25

ملاحظات لابد منها:    26

ما نستند إليه في حكمنا على الرواية:    35

المبررات لا تجدي:     66

الرأي الأمثل:   67

لماذا الكذب والإفتعال إذن؟

تاريخ افتعال تلك الرواية:       74

سر اختلاق هذه الأسطورة عند البعض:         75

مبررات الوضع الحقيقية:       78

الحق يعلو ولا يعلى عليه:      80

شكر وتقدير:   82

المحتويات      84

 

 

 

([1]) مقتل الحسين للخوارزمي ج1 ص141.

([2]) سعد السعود ص287 والبحار ج89 ص105.

([3]) تعيين السنة قد ورد في: الكامل لابن الأثير، طبع صادر ج3 ص 386. وتاريخ الطبري ج4 ص 108 طبع مطبعة الاستقامة، وتذكرة الخواص ص 107.

وفي أنساب الأشراف، طبع الأعلمي ج1 ص 405 قال: >وكان عبد الله قد نافر علياً بالنهروان؛ ولحق بمكة.. <.

([4]) قيل لهم ذلك: لأن البصرة كانت قد قسمت حسب القبائل إلى خمسة أقسام.

([5]) محل الثلاث نقط كلمة يستقبح التصريح بها.

([6]) العقد الفريد ج3 ص120 ـ 123 طبع سنة 1346 هـ.. وطبعة أخرى ج4 ص 354 ـ 355 وحتى 359، وأنساب الأشراف، طبع الأعلمي ص 169 ـ 176، وتاريخ الطبري، طبع مطبعة الاستقامة ج4 ص 108 ـ 109، والكامل لابن الأثير، طبع صادر ج3 ص 386 ـ 387، وتذكرة الخواص ص151 ـ 152 و 107 كذلك، والبداية والنهاية ج7 ص323 ملخصاً، والفتنة الكبرى ج2 ص121 ـ 129.

ويمكن مراجعة نصوص الكتب بالإضافة إلى المصادر الآنف ذكرها في: رجال الكشي طبع كربلاء ص 58 ـ 60، ومعجم رجال الحديث ج 10 ص 246 ـ 248 عنه، وقاموس الرجال ج6 ص 6ـ8 عنه أيضاً، وشرح النهج للمعتزلي ج16 ص 170ـ171، والنهج، وغير ذلك. وجواهر الأخبار والآثار المطبوع بهامش البحر الزخار ج5 ص383 و 384، وراجع تاريخ اليعقوبي ج2 ص205.

([7]) مقاتل الطالبيين ص 65.

([8]) شرح النهج للمعتزلي ج20 ص 129 ـ 130.

([9]) جواهر الأخبار والآثار مطبوع بهامش البحر الزخار ج5 ص383..

([10]) الفتنة الكبرى ج2 ص 121، لكن طه حسين مع ذلك يصر على نسبة السرقة إلى ابن عباس ويحاول توجيهها بما لا يسمن ولا يغني من جوع كما سنرى. .

([11]) المحاسن والمساوي للبيهقي ج1 ص 65 ـ 68.

([12]) مواقفه اشهر من أن تذكر، سيما في حروبه. وليراجع على سبيل المثال لا الحصر: شرح النهج للمعتزلي ج1 ص 189، وج 6 ص 326 ـ 329، وج 2 ص 57 ـ 58، والبيان والتبيين ج2 ص300 ـ 301، طبع سنة 1960. ووقعة صفين ص 116 ـ 318 ـ 413 ـ 415، وأمالي الطوسي ج1 ص11 و97 والعقد الفريد ج2 ص230 وج4 ص7 / 12 وكشف الغمة ص126 ومروج الذهب ج3 ص8 و60 و26 و435 واليعقوبي ج2 ص112 والإمامة والسياسة ج1 ص 128، وأمالي المرتضى ج1 ص277 ـ 286 والمحاسن والمساوي، وغير ذلك.

([13]) الكامل لابن الأثير، طبع صادر ج3 ص360.

([14]) أنساب الأشراف ج1 ص424 طبع الأعلمي..

([15]) الغارات للثقفي ص 379، وشرح النهج للمعتزلي ج4 ص37.

([16]) أنساب الأشراف ج1 ص426 طبع الأعلمي. .

([17]) الغارات للثقفي ص 390، وشرح النهج للمعتزلي ج4 ص 42، وفي ص 41 منه: أنه كان قد قدم الكوفة ليعزي علياً عليه السلام بمقتل محمد بن أبي بكر.

([18]) الفتنة الكبرى ج2 ص122.

([19]) الكامل لابن الأثير ج3 ص 377، طبع صادر، والبداية والنهاية ج7 ص322 والطبري ج4 ص104.

([20]) الفتنة الكبرى ج2 ص 125.

([21]) الفتنة الكبرى ج2 ص126.

([22]) وقعة صفين لنصر بن مزاحم ص410، وأنساب الأشراف ص307 طبع الأعلمي، وشرح النهج للمعتزلي ج8 ص63، والإمامة والسياسة ج1 ص98، والبيان والتبيين طبع سنة 1960م ج2 ص298، لكنه نسب هذا القول إلى ابن العاص.

([23]) وقعة صفين ص499، وأنساب الأشراف طبع الأعلمي ص 333.

([24]) الفخري في الآداب السلطانية ص91.

([25]) ذلك أشهر من أن يذكر؛ ولذا فلا حاجة لتعداد مصادره، ونذكر على سبيل المثال لا الحصر: شرح النهج ج16 ص137، وقاموس الرجال ج6 ص27 عن الطبري، ووقعة صفين.

([26]) نفس المصادر المتقدمة (ما عدا الأخير منها) لقوله: إن رأس الناس بعد علي.. الخ.

([27]) البيان والتبيين ج2 ص300 ـ 301.

([28]) أنساب الأشراف طبع الأعلمي ج1 ص308 / 309، وشرح النهج للمعتزلي ج8 ص64، ووقعة صفين ص413، والإمامة والسياسة ج1 ص99.

([29]) لقد أشبع الكلام في اختلافهم في ذلك العلامة المحقق الشيخ علي الأحمدي في مكاتيب الرسول ج2 ص539 فراجع.

([30]) مروج الذهب للمسعودي ج3 ص81، وجامع بيان العلم وفضله ج2 ص236، والغدير ج6 ص208 عنه وعن محاضرات الراغب ج2 ص94، وزاد المعاد لابن القيم ج1 ص219 والعقد الفريد..

لكن ما عدا مروج الذهب ذكروا أن القضية جرت بين ابن عباس وعروة بن الزبير، لا عبد الله. . ولكنها كلها تتفق في خلوها عن الفقرة التي تتهم ابن عباس بأموال البصرة.

([31]) مروج الذهب ج3 ص 82.

([32]) مستدرك الوسائل ج2 ص587، عن كتاب: الاستغاثة، لكن المطبوع من كتاب الاستغاثة قد ذكر الرواية في هامش ص45، 46 عن: المختصر من الأصل للحافظ ابن شهر آشوب السروي.

([33]) مسند أحمد ج2 ص347 وليراجع ص349، وأسد الغابة ج3 ص162، وج5 ص392، والإصابة ج2 ص309، وج4 ص229، وتهذيب التهذيب ج5 ص213، لكنه قال: إنها ولدته بعد الهجرة بعشرين شهراً؛ ثم ناقش في ذلك بما لا مجال لذكره، وليراجع الاستيعاب هامش الإصابة ج2 ص301.

([34]) الإصابة ج2 ص309، والاستيعاب هامش الإصابة ج2 ص301.

([35]) أسد الغابة ج5 ص392، وفي الطبقات ج8 قسم 1 ص185: أن الزبير قد طلقها، وكان عروة حينئذٍ صغيراً، فأخذه منها. . وعلى هذا فيكون طلاقها في خلافة عثمان..

([36]) الوسائل ج14 ص441.

([37]) مروج الذهب ج3 ص81 وقاموس الرجال ج5 ص452 عنه.

([38]) مسند أحمد بن حنبل ج6 ص344، 345.

([39]) راجع: قاموس الرجال ج6 ص21.

([40]) أمالي السيد المرتضى ج1 ص177، وقاموس الرجال ج6 ص15، 16 عنه.

([41]) شرح النهج للمعتزلي ج16 ص171، 172.

([42]) الكامل لابن الأثير، طبع صادر ج3 ص386، وتذكره الخواص ص107.

([43]) تاريخ الطبري، مطبعة الاستقامة ج4 ص108، وأنساب الأشراف طبع الأعلمي ج1 ص176.

([44]) تاريخ الطبري ج4 ص109 طبع مطبعة الاستقامة.

([45]) شرح النهج للمعتزلي ج16 ص171، ورجال المامقاني ج2 ص194 عن ابن ميثم.

([46]) تاريخ اليعقوبي، طبع صادر ج2 ص205.

([47]) تذكرة الخواص ص252 و150 على الترتيب.

([48]) المصدر السابق.

([49]) أمالي المرتضى ج1 ص177، وقاموس الرجال ج6 ص15 عنه.

([50]) البداية والنهاية ج8 ص 304.

([51]) الإصابة ج2 ص334.

([52]) الإرشاد للمفيد ص151 طبع سنة 1364 هـ وكشف الغمة طبعة حجرية ص130، وترجمة علي بن أبي طالب عليه السلام من تاريخ ابن عساكر بتحقيق المحمودي ج3 ص294، وكذا في كنز العمال حديث 398 عنه، وعن يعقوب بن سفيان، فراجع فضائله عليه السلام في الكنز ومناقب الخوارزمي الحنفي ص283. وبعضهم كابن الصباغ، وابن الطقطقي وفي الكنز باب فضائله عليه السلام رقم 480 ج15 ص170، ذكر عبد الله بن جعفر، بدل عبد الله بن عباس. . وفي إعلام الورى ص160: أن الرواية التي تذكر عبد الله مشهورة لكنه قال: والأصح: >عبد الله بن جعفر<؛ فهذا تصحيح واجتهاد منه.

([53]) كشف الغمة ج2 ص164 والفصول المهمة لابن الصباغ ص161، وإرشاد المفيد طبع سنة 1364 هـ ص167، 168، واثبات الهداة ج5 ص134 و136، والبحار عن أبي مخنف وحياة الحسن للقرشي ج2 ص10 وشرح النهج ج16 ص30 عن مقاتل أبي الفرج، مصرحاً بالاسم: >عبد الله<. لكن المقاتل المطبوع ص52 اكتفى بلفظ: ابن عباس دون تصريح بالاسم. وليراجع: إعلام الورى أيضاً ص208.

([54]) كشف الغمة طبعة حجرية ص161 وإرشاد المفيد ص168

([55]) شرح النهج للمعتزلي ج16 ص22.

([56]) الفتوح لابن أعثم ج4 ص148 ط الهند.

([57]) عيون الأخبار لابن قتيبة ج1 ص14، والعقد الفريد ج4 ص361، طبع سنة 1346هـ. وذكرها ابن أبي الحديد بتمامها في شرح النهج ج16ص23و24، والفتوح لابن أعثم ج4 ص148 ـ 150.

([58]) شرح النهج للمعتزلي ج16 ص154، 155.

([59]) شرح النهج للمعتزلي ج16 ص22.

([60]) مقاتل الطالبيين ص 52 ـ 54، وشرح النهج للمعتزلي ج16 ص 31، 32، والأغاني ج18 ص162، وإرشاد المفيد ص168، وعدم تصريح هذا الأخير باسم عبد الله بن عباس لا يضر؛ لأنه قد نص قبل ذلك بقليل على توليه البصرة من قبل الحسن عليه السلام، وأشار ابن الصباغ إلى هذه القضية ص 146 من دون تصريح أيضاً.

([61]) الصحيح: وابن عمه. .

([62]) شرح النهج للمعتزلي ج16 ص 182 و 183.

([63]) الطبري حوادث سنة 41ج 4 ص 129 والكامل لابن الأثير ج3 ص 415، 416، طبع صادر. لكنه في ص 444 منه ذكر العبارة نفسها من دون تفسير بقوله: يعني ابن عباس الخ..

وذكر: أن ذلك كان في حياة علي عليه السلام. وواضح أن زياداً قد تولى فارس في سنة 39هـ. وفاته أن محاولات معاوية قد تكررت لذلك. . والظاهر: أنها كانت ثلاث مرات، كما تدل عليه هذه النصوص وغيرها.

([64]) في وفيات الأعيان طبع سنة 1310 ج2 ص 295. والفخري في الآداب السلطانية ص 109، 110: أن معاوية قد حاول استلحاق زياد مرتين: مرة في حياة علي ففشل، ومرة بعد وفاته فنجح. لكن الظاهر: أنها ثلاث محاولات كما قلنا.

([65]) الكامل لابن الأثير ج3 ص 416 طبع صادر.

([66]) راجع: الفتنة الكبرى ج2ص121 و122.

([67]) قاموس الرجال ج6 ص18و19 عن ابن أعثم. . وتاريخ أعثم من ص307 حتى 309 (الترجمة الفارسية) وقد أطال الكلام في تفصيل ذلك، والمذكور هنا مختصر منه، وليراجع: الفتوح لابن أعثم المطبوع في الهند باللعة العربية ج4 ص74 ـ 75 وطبعة بيروت دار الأضواء سنة 1411 هـ ج4 ص241 و 242.

([68]) طرائف ابن طاووس, الترجمة الفارسية ص133، نقلا عن كتاب نديم الفريد، والبحار للمجلسي ج49 ص210، وقاموس الرجال ج10 ص357.

([69]) هو العلامة الشيخ محمد تقي التستري. .

([70]) العقد الفريد ج3ص120، طبع سنة 1346 هـ، والفتنة الكبرى ج2ص 128، 129. ورد ذلك طه حسين: بأن ابن عباس لم يكن بحيث يجهل أن حقه لا يعدو حق غيره من المذكورين، وأنه لا يحل له أن يأخذ شيئا إلا بإذن إمامه. وأنه كان أعلم بدينه من هذا التأويل. . ولكننا قد قلنا: إن الاختلاف في قضية الخمس، وتفسير الآية المذكورة حاصل قبل ذلك بزمان، وقد استوفى الكلام في اختلافاتهم هذه العلامة المحقق الشيخ علي الأحمدي، في مكاتيب الرسول ج2 ص539، ونقل أقوالهم ووجهات نظرهم عن أحكام القرآن للجصاص، وتفسير الطبري، وغير ذلك؛ فليراجع.

([71]) قاموس الرجال ج2ص22.

طباعة  ||  أخبر صديقك  ||  إضافة تعليق  ||  التاريخ : 2014/02/06  ||  القرّاء : 18256










البحث في الموقع


  

جديد الموقع



 مسابقه کتابخوانی نبراس‌۱

 لحظات الهجوم الاول على دار الزهراء عليها السلام

 كربلاء فوق الشبهات

ملفات منوعة



 اقعدوا لهم كل مرصد

 ما هو المقصود بالتأويل؟!

 الإيمان بالقضاء ينافي الحزن على الحسين

إحصاءات

  • الأقسام الرئيسية 12

  • الأقسام الفرعية 64

  • عدد المواضيع 696

  • التصفحات 6883727

  • المتواجدون الآن 1

  • التاريخ 19/03/2024 - 11:32





تصميم، برمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net