||   الموقع بإشرف السيد محمد مرتضى العاملي / پايگاه اينترنتى تحت اشرف سيد محمد مرتضى عاملي مي‌باشد   ||   الموقع باللغة الفارسية   ||   شرح وتفسير بعض الأحاديث..   ||   لقد تم افتتاح الموقع أمام الزوار الكرام بتاريخ: 28/جمادی الأولی/ 1435 هـ.ق 1393/01/10 هـ.ش 2014/03/30 م   ||   السلام عليكم ورحمة الله.. أهلاً وسهلا بكم في موقع سماحة السيد جعفر مرتضى العاملي.. نود إعلامكم أن الموقع قيد التحديث المستمر فترقبوا المزيد يومياً..   ||  



الصفحة الرئيسية

السيرة الذاتية

أخبار النشاطات والمتابعات

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

المؤلفات

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

الأسئلة والأجوبة

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

التوجيهات والإرشادات

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

الحوارات

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

النتاجات العلمية والفكرية

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

الدروس

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

الصور والتسجيلات

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

مركز نشر وترجمة المؤلفات

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

مختارات

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

مركز الطباعة والنشر

شريط الصور


  • ابن عربي سني متعصب غلاف
  • رد الشمس لعلي
  • سياسة الحرب غلاف
  • زواج المتعة
  • الولاية التشريعية
  • كربلا فوق الشبهات جديد
  • علي ويوشع
  • طريق الحق
  • توضيح الواضحات
  • دراسات وبحوث في التاريخ والإسلام ط ايران
  • تخطيط المدن في الإسلام
  • تفسير سورة الماعون
  • تفسير سورة الكوثر (التاريخ العربي)
  • تفسير سورة هل أتى
  • تفسير سورة الناس(التاريخ العربي)
  • تفسير سورة الكوثر
  • تفسير سورة الفاتحة (التاريخ العربي)
  • السوق في ضل الدولة الإسلامية
  • سنابل المجد
  • سلمان الفارسي في مواجهة التحدي
  • الصحيح من سيرة الإمام علي ج 3
  • الصحيح من سيرة الإمام علي
  • صفوة الصحيح فارسي
  • رد الشمس لعلي
  • كربلاء فوق الشبهات
  • اكذوبتان حول الشريف الرضي
  • منطلقات البحث العلمي
  • مختصر مفيد
  • المقابلة بالمثل
  • ميزان الحق ط 1
  • ميزان الحق (موضوعي)
  • موقف الإمام علي (عليه السلام) في الحديبية
  • المراسم والمواسم _ إيراني
  • المواسم والمراسم
  • مقالات ودراسات
  • مأساة الزهراء غلاف
  • مأساة الزهراء مجلد
  • لماذا كتاب مأساة الزهراء (عليها السلام)؟!
  • لست بفوق أن أخطئ
  •  خسائر الحرب وتعويضاتها
  • علي عليه السلام والخوارج
  • ظاهرة القارونية
  • كربلاء فوق الشبهات
  • حقوق الحيوان
  • الحاخام المهزوم
  • الحياة السياسية للإمام الجواد
  • الحياة السياسية للإمام الحسن ع سيرة
  • الحياة السياسية للإمام الحسن ع
  • الحياة السياسية للإمام الحسن ع ايران
  • الحياة السياسية للإمام الرضا ع
  • إدارة الحرمين الشريفين
  • ابن عباس ـ ايران
  • ابن عربي سني متعصب
  • ابن عباس وأموال البصرة
  • دراسة في علامات الظهور مجلد
  • بلغة الآمل
  • براءة آدم (ع)
  • بنات النبي أم ربائبه غلاف
  • بنات النبي أم ربائبه
  • عرفت معنى الشفاعة
  • الصحيح1
  • الصحيح 2
  • الصحيح8
  • الجزيرة الخضراء
  • الجزيرة الخضراء
  • الصحيح
  • الغدير والمعارضون لبنان
  • الغدير والمعارضون
  • الأداب الطيبة المركز
  • الآداب الطبية في الإسلام
  • البنات ربائب
  • علامات الظهور
  • علامات الظهور قديم
  • أحيو امرنا
  • أهل البيت في آية التطهير
  • افلا تذكرون
  • ابوذر
  •  بنات النبي (صلى الله عليه وآله) أم ربائبه؟!
  • الإمام علي والنبي يوشع
  • براءة آدم (ع)
  • الغدير والمعارضون
  • الإمام علي والخوارج
  • منطلقات البحت العلمي
  • مأساة الزهراء عليها السلام

خدمات

  • الصفحة الرئيسية
  • أرشيف المواضيع
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إتصل بنا





  • القسم الرئيسي : المؤلفات .

        • القسم الفرعي : المقالات والأبحاث .

              • الموضوع : أثر العترة في بقاء الإسلام .

أثر العترة في بقاء الإسلام

ألقي هذا البحث في قاعة الأسد بدمشق في مؤتمر عن " أهل البيت " عقد برعاية المستشارية الثقافية الإيرانية في دمشق وذلك في شهر شعبان سنة 1471ﻫ.ق.

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير خلقه وأشرف بريّته محمد وآله الطيبين الطاهرين..

واللعنة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين..

وبعد..

آيات كريمة:

فقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم:

﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ ، وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾[1].

وقال تعالى:

﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾[2].

وقال عز من قائل:

﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾[3] .

وقال تعالى:

﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً ، وَدَاعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً﴾[4].

مفاد الآيات:

قد أشارت هذه الآيات إلى أمور هامة، نذكر منها ما يلي:

الأمر الأول:

إنها قد حددت مهمات النبي(ص)، ومن سبقه من الأنبياء بما يلي:

ألف: تلاوة آيات الله سبحانه على الناس الذين بعث إليهم وفيهم.

ب: تزكية نفوسهم، وتصفيتها من كل الشوائب التي علقت بها، بسبب الشرك والانحراف، وإعادة الفطرة إلى سابق نقائها وسلامتها، وطهرها.

ج: تعليمهم الكتاب بكل ما فيه من شرائع، وأحكام، وعقائد، وسياسات، وأخلاق، وسلوك، وعبر، وحقائق ترتبط بكل ما في الكون والحياة.

د: تعليمهم الحكمة، التي جُعِلَ تعليمها عدلاً لتعليم الكتاب. وهي تعني الوقوف على الحقائق والدقائق والتفاصيل، ليمكن للإنسان أن يحسن التقدير، وليستلهم عقله وقلبه صواب الحكم، وصواب العمل.

ﻫـ: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

و: أن يضع عنهم إصرهم ( أي ثقلهم )، والأغلال التي كانت عيلهم.

الأمر الثاني:

قد ذكرت الآيات الكريمة: أنه إذا ما واجهت الأنبياء التحديات في مهماتهم تلك – ولابد أن تواجههم – فقد أنزل الله الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس، ليكون هذا الحديد مفيداً في حل اي مشكل، وإزاحة أي خطر.

وقد روي عن علي(ع) قوله: "الخير كله في السيف. وما قام هذا الدين إلا بالسيف. أتعلمون ما معنى قوله تعالى:

﴿وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ﴾؟! هذا هو السيف "[5].

بل إن نفس الآية المتقدمة التي ذكرت إنزال الحديد قد عقبت ذلك بالقول:

﴿وَلِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ﴾.

ثم خلصت إلى القول:

﴿إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ في إشارة صريحة إلى الحاجة إلى التذكير بقوة الله وبعزته، وفي صراحة لا لبس فيها بالحاجة إلى نصر الناس للرسل في مهماتهم التي يتصدون لها، وفي مواجهة التحديات والأزمات.

وهذا النصر للرسول هو الذي أشارت أيضاً إليه آية سورة الأعراف، حيث قررت أنه لابد من الاتباع، والتعزيز (أي التوقير) والنصر حين تمس الحاجة إليه. إذن، فهناك سلطة ذات قوة يكون الحديد أحد وسائلها في مجال التنفيذ، ولا يقتصر الأمر على مجرد التبليغ للأحكام، والتعليم لها.

الأمر الثالث:

لقد ذكرت الآيات أيضاً: أن مسؤولية النبي (ص) لا تنحصر بالذين عاصروه، بل تتعداهم إلى آخرين من الأميين لما يلحقوا بهم، فهو رسول الله للبشرية جمعاء منذ بعثته وإلى يوم القيامة.

فهو يتحمل إذن مسؤولية هدايتهم ورعايتهم، وتزكية نفوسهم، وتطهير أرواحهم، وتعليمهم الكتاب والحكمة، ثم أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، ثم أن يضع عنهم إصرهم، والأغلال التي كانت عليهم.

الأمر الرابع:

إن الهدف من إرسال الرسل بالبينات، وإنزال الكتاب والميزان؛ أي المعايير والضوابط ليكون العمل وفق الحكمة، هو أن يقوم الناس أنفسهم بالقسط والعدل، من موقع إحساسهم بالواجب، وبالمسؤولية الرسالية والإنسانية.

طبيعة التشريع الإسلامي:

ولكي تستكمل الفكرة عناصر وضوحها نشير إلى أن هذا الإسلام العزيز إنما يهدف إلى إرجاع الإنسان إلى فطرته، وتطهيرها من شوائب الانحراف، ثم صياغة خصائصه الإنسانية بالنحو الذي يحقق الأهداف الإلهية التي يؤهله الله لها.

إنه يريد أن يتدخل في كل شؤون هذا الإنسان، وأن يهيمن حتى على نواياه، وخلجات نفسه، وعلى عواطفه، ومشاعره، وأحاسيسه، وتصوراته، فضلاً عن روحياته، وكل خصائصه، وميزاته.

إنه يريد منه أن يواجه التحدي ليس في مجال الأمن والدفاع وحسب، وإنما في السياسة، والاقتصاد، والتربية، والعلاقات، وفي مختلف مجالات الحياة أيضاً.

إنه يريد منه أن يطبق نظام عقوبات صارمة، على قاعدة: النفس بالنفس والعين بالعين. وان يقطع اليد، والرجل، وأن يسجن، ويجلد، وينفي، ويصادر، وأن يكبح جماح أصحاب الأهواء، ومحترفي الجريمة، بل إن عليه أن يمنع الانحراف من الظهور في كل محيطه..

هذا كله عدا عن جهاده للمستكبرين، وإحباط كيد العتاة والجبارين.

وأهم من ذلك كله هو مواجهته لشهواته، وغرائزه وأهوائه، وطموحاته، ورفض كل المغريات التي تحيط به، وما أشدها من مواجهة، وأعظمه من جهاد هو الجهاد الأكبر الذي يصغر عنده كل جهاد بالسيف، حتى في بدر العظمى!!

هذا هو السؤال:

وبعد ما تقدم نقول:

حيث إنه ليس المقصود من تعليم النبي (ص) للكتاب هو مجرد تلاوة ألفاظه على مسامعهم، بل المراد شرح معانيه وحقائقه، وبيان مراميه ودقائقه. لأن مغزى هذا التعلم هو خروج الناس من الضلال المبين إلى الهدى؛ كما صرحت به الآية الشريفة نفسها فإن السؤال هنا هو:

أين هو تعليم رسول الله (ص) للكتاب، الذي هو تبيان لكل شيء؟! وأين هي بياناته لحقائقه ودقائقه. ولإشاراته ودلائله؟

وأين هي الحكمة التي جعلها الله عدلاً للكتاب، وقد علمها (صلى الله عليه وآله وسلم) للناس؟! فهل تجد في كتب المسلمين لهذه الحكمة، ولتعليم الكتاب ما يكفي لتطبيق هذه الآية الكريمة، وتجسيد معناها؟! بالنسبة لمن عاشوا مع النبي (ص) وعاصروه، فضلاً عن الآخرين الذين لما يحلقوا بهم – وهم أجيال كثيرة جداً متعاقبة، ومتلاحقة إلى يوم القيامة – هو مبعوث إليهم أيضاً، وهم جزء من مهمته ومسؤوليته. فكيف استطاع (صلى الله عليه وآله) أن يقوم بهذا الواجب وأن ينجز مهمته تجاههم. من تلاوة الآيات عليهم، وتزكيتهم، وتربيتهم، ورعايتهم، وتعليمهم الكتاب، وتعليمهم الحكمة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيهم، ووضع الإصر عنهم والأغلال التي تكون عليهم؟! وحين لابد بسبب ذلك من مواجهة طواغيت العصور المتعاقبة، والعتاة، فكيف واجههم (ص). وفرض الهيمنة الإيمانية عليهم، واستفاد من الحديد والبأس في أوقات الشدة، والخطر الداهم، عبر الأجيال المتلاحقة؟!

قبل أن نجيب على هذا السؤال:

وقبل الإجابة على ما تقدم نقول: قد عرفنا أن طبيعة هذا الدين تحتم فرض هيمنة قد تحتاج إلى الاستفادة من الحديد لأجل إنجاز المهمات الجسام، وصيانة المنجزات، وفي حياة النبي (ص) كان هو المتولى لهذه السلطة بالفعل.. وأما بعد وفاته فقد كان الخلاف في أمر الإمامة والسلطة والهيمنة، أعظم وأخطر خلاف في الأمة، حتى ليقول الشهرستاني:

"وأعظم خلاف بين الأمة خلاف الإمامة، إذ ما سُلَّ سيف في الإسلام على قاعدة دينية ، مثلما سُلَّ على الإمامة في كل زمان"[6].

ويقول البعض: إن ترك أمر الإمامة من دون حل (!!) كان " سبباً لأكثر الحوادث التي أصابت المسلمين، وأوجدت ما سيرد عليكم من أنواع الشقاق والحروب المتواصلة، التي قلَّما يخلو منها زمن، سواء أكان بين بيتين، أو بين شخصين"[7].

وإذا كان أمر الإمامة حساساً وخطيراً إلى هذا الحد، فلا يمكن أن يكون الله ورسوله(ص) قد تركاه من دون حل، والله هو الذي يقول: ﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ ذَلِكُمُ اللهُ رَبِّي﴾[8].

الجواب القرآني:

وأما بالنسبة إلى ما طرح من تساؤل، فإننا وبالعودة إلى القرآن الكريم نجد الإجابة الكافية والوافية فهو يقول:

﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾[9].

فإن هذه الآية قد نزلت في مناسبة إعلان يوم غدير خم، فيما رواه المسلمون بطرق كثيرة، ومتواترة.

وقد أظهرت هذه الآية الكريمة: أن هذا البلاغ المطلوب يصادم توجهات كثير من الناس، ويواجه منهم بالرفض الشديد إلى درجة احتاج النبي(ص) إلى العصمة والحفظ منهم.

وأظهرت أيضاً: أن هذا البلاغ على درجة من الخطورة، بحيث لولاه لم يمكن للرسول(ص) تهيئة سبل إنجاز مهمته التي هي أساس وعنوان رسوليته ﴿وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾.

ولاسيما بالنسبة لمن يأتون بعده، مع أنه مبعوث إليهم ﴿وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ﴾. تلك المهمات التي هي تلاوة الآيات عليهم ، وتزكيتهم ، وتعليمهم الكتاب والحكمة، وإلخ ... كما أشير إليه فيما سبق.

بل إنه – بدون هذا البلاغ – لا يكون قد حقق الإنجاز المطلوب منه حتى بالنسبة للأمم التي عاصرته، بل وحتى بالنسبة للذين أسلموا معه، وصاروا صحابته، والذين أظهر القسم الأعظم منهم الإسلام بعد فتح مكة في السنة التاسعة والعاشرة، أي قبيل وفاته (ص). حيث بدأت القبائل في سنة تسع توفد جماعات منها لإعلان الإسلام والولاء، فسميت بـ "سنة الوفود".

ثم توفي النبي (ص)، ولم يكن الإسلام قد تجذر أو استحكم في قلوب الكثير من هؤلاء الناس.

وقد حاول أهل مكة أن يرتدوا عن الإسلام بعد وفاة النبي (ص) لكن سهيل بن عمرو قام فيهم، ونصحهم، وذكّرهم بوعد النبي (ص) بأن كنوز كسرى وقيصر ستفتح لهم؛ فثبتهم بذلك. وهذا موقف محمود ومشكور لسهيل.

ولو أنهم مضوا في ردّتهم لحدثت كارثة حقيقية على مستوى المنطقة بأسرها، وبالنسبة لمستقبل هذا الدين. ولكن الله سلًَّم، وله المنة والحمد.

خلاصات وبيان:

وخلاصة الأمر: إن هذا البلاغ، الذي احتاج الرسول (ص) معه إلى العصمة، كان جزءاً من الخطة الإلهية في نطاق تمكين النبي الأكرم (ص) من القيام بمهماته الخطيرة في نطاق هداية الأمة، من موقع رسوليته، ومبعوثيته لها، سواء في ذلك من عاصره أو من جاء بعده هذه الهداية، التي أراد الله سبحانه وتعالى أن تكون له من خلال الرعاية والتنئشة الهادية، وفق المعايير التي توصل إلى الأهداف الإلهية التي أراد الله سبحانه لها أن تصل إليها، وذلك بدءاً بالتزكية، ثم بتعليم الكتاب، وتعليم الحكمة، وانتهاءً بحراسة الواقع الإيماني، وصيانته بالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وإقامة شرع الله سبحانه، من موقع الهيمنة والسلطة، حيث يكون الحديد بما فيه من بأسٍ شديد، وسيلة صيانة للحق، وسبب حفظ للدين.

التصريح والتوضيح:

ولكي تصبح الفكرة أكثر وضوحاً وتألقاً نقول:

لأن الإسلام بماله من مواصفات وخصوصيات، وشؤون وحالات، ثم بما له من شمولية وعمق، وما يحتاج إليه من ظروف ومناخات وقدرات ووسائل وأدوات.

ولأن هذا النبي الكريم (ص) مبعوث للناس جميعاً، سواء في ذلك من عاصره ممن أسلم، أو لم يسلم، وكذلك من جاء بعده من الأمم إلى يوم القيامة.

ولأن مهمته (صلى الله عليه وآله وسلم) لا تنحصر ببلاغ الأحكام الشرعية [10]، وبعض التفاصيل الاعتقادية، بل تتعدى ذلك إلى تزكية نفوسهم، وتصفية أرواحهم، وتعليمهم الكتاب والحكمة، وإقامة شرائع الله وأحكامه، ونشر بيارقه، وأعلامه.

ولأن طبيعة التشريع، وخصوصيته وطبيعة التحديات التي ستواجه هذا الدين. تفرض امتلاك قدرات عملية، فربما يكون الحديد بما فيه من بأسٍ شديد أحد مظاهرها.

نعم، من أجل ذلك كله، وسواه، مما تقدمت الإشارة إليه، جاءت الخطة الإلهية متناسبة مع طبيعة الهدف، ومنسجمة مع حقائق الإسلام والإيمان، ومنطلقة منها، وتوصل وتنتهي إليها.. فكان بلاغ الناس لذلك الأمر الذي يعني فقده أن يفقد الإسلام كينونته، ويخسر حياته الفاعلة والمؤثرة: ﴿وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾.

وكان هذا البلاغ يحتاج إلى العصمة الإلهية أيضاً، فكيف بما بعد هذا البلاغ؟!

الإختيار الطبيعي:

وكان أهل البيت (ع) هم عنوان هذا البلاغ، ومداه. وهم روحه وحياته، ومحتواه إذ بجهادهم وجهدهم، وقيادتهم للأمة، يتحقق الإنجاز الكبير، والخطير، ويكون بقاء هذا الدين، وذلك لأنهم:

1 - هم التجسيد الحي للنموذج الخالص، والمرآة الصافية التي تعكس الإسلام: عقلاً، وروحاً، وأحاسيس، ومشاعر، وميزات، وخصائص، ثم نهجاً وموقفاً، وحركة، وسلوكاً. وكيف لا، وهم الذين أذهب الله عنهم الرجس، وطهرهم تطهيراً، وهم صفوة الله من خلقه، وخيرته من عباده.

2 - إنهم أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، وهم عيبة علم رسول الله (ص)، وهم أحد الثقلين الذين لن يضل من تمسك بهما .وهم أيضاً سفينة النجاة ومصباح الدجى.

ومن خلال هذين الأمرين تبرز أمام أعيننا حقيقتان:

إحداهما: أن هذين الأمرين يمكنان أهل البيت من إنجاز مهمة التزكية الروحية، وتصفية النفوس وتطهير الفطرة وتخليصها من كل الشوائب التي علقت أو تعلق بها.

الثانية: إن هذه المعرفة الهادية، والعلم الزاكي، المتدفق من منبعه الأصفى، هو الذي يرفد الفكر ليتحرك وفق الضوابط والمعايير، التي لا يتنكر لها، ولا يشذ عنها. لينتج الوعي والهدى والصلاح في الأمة كلها.

فالرسول يستطيع بهذه الطريقة أن يحفظ للأمة المبعوث إليها حقها في تعلم الكتاب والحكمة، وفي التزكية الروحية، وفي إقامة شرع الله، وفي وضع الإصر والأغلال عنهم. ويعمل على نشر أحكام الدين، وشرائعه في الوقت المناسب، وبالأسلوب والطريقة المناسبة.

ويكون بلاغ الرسول هو ذلك القرار الإلهي بإعطائهم (عليهم السلام) حق ممارسة الحاكمية، ويحمِّلهم – من ثم – مسؤولية الرعاية، والهداية، والتزكية، بكل ما لذلك من مسؤوليات، ومستلزمات، ومن آثار وتبعات.

وهذا يستطبن إلزام الأمة بالطاعة وبالتسليم لهم، وهم الأئمة الأطهار، الإثنا عشر، والثقل الذين لن يضل من تمسك بهم وبالكتاب، وهم سفينة النجاة. التي تحمل هذه الأمة إلى ساحل الأمان لتسير بإطمئنان في دروب الخير، والهدى، والصلاح، والسداد.

وذلك هو ما نفهمه من تلك الآيات الكريمة والمباركة. وخصوصاً قوله تعالى:

﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾.

عصمنا الله جميعاً من الزلل والخطل، في الفكر، وفي القول والعمل، إنه ولي قدير، وبالإجابة حري وجدير.

والحمد لله رب العالمين.

بيروت في: 8/شعبان/1417ﻫ.ق الموافق 17/11/1996م.

جعفر مرتضى العاملي


[1] سورة الجمعة، الآية/ 2 و3.

[2] سورة الحديد، الآية / 25.

[3] سورة الأعراف، الآية / 157.

[4] سورة الأحزاب ، الآية / 45و46.

[5] شرح نهج البلاغة ، للمعتزلي الشافعي – ج20 – ص308 .

[6] الملل والنحل – ج1 – ص24 .

[7] محاضرات في التاريخ الإسلامي لمحمد الخضري – ج1 – ص167 .

[8] سورة الشورى ، الآية / 10 .

[9] سورة المائدة ، الآية / 67 .

[10] بل إن بعض التشريعات ، وكذا بعض الحقائق عن الكون ، وعن الحياة ، وشؤونها ، لم يكن يمكن له (ص) بيانها لعامة الناس ، فلو أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لهم : إذا صعد الإنسان إلى القمر مثلاً ، فإنه يصلي بهذه الطريقة ، أو بتلك ، أو لو قال لهم: إنه يمكن أن يرى من في المشرق من في المغرب بواسطة جهاز تلفاز ، وأن حكم النظر إلى صور الخلاعة فيه هو كذا . أو تحدث لهم عن جهاز الكمبيوتر ، أو اللاسلكي ، أو نحو ذلك مما اكتشف حديثاً ، فإنهم سوف لن يساورهم أي شك في أنه ساحر أو مجنون . ولصدهم ذلك عن الإيمان بنبوته ، وعذرهم في ذلك واضح .

طباعة  ||  أخبر صديقك  ||  إضافة تعليق  ||  التاريخ : 2014/02/06  ||  القرّاء : 8327










البحث في الموقع


  

جديد الموقع



 مسابقه کتابخوانی نبراس‌۱

 لحظات الهجوم الاول على دار الزهراء عليها السلام

 كربلاء فوق الشبهات

ملفات منوعة



 عالمة غير معلمة

 ما هو رأيكم الشريف حول هذه الرواية الشريفة؟

 القول الصائب في إثبات الربائب

إحصاءات

  • الأقسام الرئيسية 12

  • الأقسام الفرعية 64

  • عدد المواضيع 696

  • التصفحات 6939654

  • المتواجدون الآن 1

  • التاريخ 18/04/2024 - 06:06





تصميم، برمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net